يُمثل التراث السمات الحضارية والثقافية لكل مجتمع، ويتكون من مواد مادية ومعنوية، وينتقل من جيل لآخر، وإنسان اليوم مَدين لإنسان الأمس الذي أورثه المعارف والمعتقدات والفنون والصناعات والحِرَف والتجارب والأفكار التي تُشكل تراكمًا حضاريًا وثقافيًا عَبر القرون والأجيال، والإنسان يَرث هذا التراث ويُضيف إليه من خبراته وتجاربه بعلمه ومعرفته، ولكل أمة تراثها الخاص بجانب التراث الإنساني العام الذي تشترك فيه مع الأمم الأخرى، والمبني على تجربة الإنسان في الماضي، والتي تستمر للمستقبل، ويَدلُ التراث على شخصية الأمة وذلك بفضل جهود الأجيال المتعاقبة عبر التاريخ.
يُعتبر التراث العربي حلقة لسلسلة طويلة من الحضارات الإنسانية، وهو جزء من التراث الإنساني العالمي، وله دور كبير في إغناء وتطوير الحضارة الإنسانية من العلوم النظرية والعِلمية التي حُفظت في الآلاف من الكُتب والمراجع المنتشرة في الأقطار العربية، ونُقل الكثير منها إلى الدول الغربية وجامعاتها، وهي علوم تكشف جوهر التراث العربي القَيَّم الأصيل. والإنسان العربي مُتمسك بتراثه وينتمي إليه ولا ينقطع عنه، فهو جزء من هويته العربية الأصيلة.
ويعتد الإنسان بتراثه ويفخر به، فالتراث لا يعني العيش مع الماضي وترك الحاضر.. بل إنه ينسجم مع الحاضر ويتناغم مع التطور، ويُساهم في إحداث التغيير، وبه يسمو التقدم إذا تمت رؤيته برؤية تقدمية عصرية، فهو مرتبط بالحاضر بأصالته ومضمونه، ويواجه التراث الثقافي والحضاري عدة تحديات ومخاطر بسبب الحروب والصراعات ما يستدعي الحفاظ عليه من الدمار والضياع والسرقة.
وقد سعت هيئة البحرين للثقافة والآثار منذُ تأسيسها في 2015م إلى إحياء التراث البحريني وتنشيطه والحفاظ عليه باستخدام مختلف الوسائل لنشره بين الناس والدول وتعريفهم به من خلال مجموعة من البرامج والمشاريع الثقافية والعلمية والتاريخية المختلفة لإبراز هذا التراث وتطويره، كما تعاونت الهيئة مع الهيئات والمنظمات الخليجية والعربية والإقليمية والأجنبية للحفاظ على التراث وتطويره.