+A
A-

هذا رأي الشورى في تمديد فترة إخطار الفصل عن العمل لأكثر من 30 يومًا

رفضت لجنة الخدمات في مجلس الشورى مشروع قانون بتعديل المادة (99) من قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر بالقانون رقم (36) لسنة 2012.

والذي يهدف إلى تمديد مهلة الإخطار (30) يومـًا المقررة لإنهاء عقد العمل بحيث تزيد على (30) يومـًا ولا تتجاوز (120) يومـًا بالنسبة للأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل خلال مدة زمنية قصيرة.

وبينت اللجنة أن أسباب الرفض تندرج تحت عدة أمور منها إن ما تضمنه  مشروع القانون يتنافى مع الأساس الذي بني عليه قانون العمل وهو تحقيق التوازن بين طرفي العقد ودوام حماية الطرف الأضعف وبصفة خاصة بالنسبة للأحكام المتعلقة بإنهاء العقد حيث حرص المشرع عند صياغة  نص  الفقرة الأولى من البند (أ ) من المادة (99) على منح كل طرف من طرفي العقد جواز إنهاءه  بعد إخطار الطرف الآخر قبل الإنهاء بثلاثين يومًا على الأقل.

وأضافت يظل عقد العمل قائمًا خلال مهلة الإخطار ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الالتزامات الناشئة عنه، وقيدت الفقرة الثانية من ذات البند (أ)  عموم الفقرة الأولى بحيث قصرت جواز زيادة مدة الإخطار (مدة الثلاثين يومًا) على ضرورة مراعاة توافر شرطين وهما: وجود اتفاق على إطالة مدة الإخطار، وأن يقتصر على حالة  واحد وهي كون الإنهاء من قبل صاحب العمل، والحكمة من ذلك تحقيق وترجيح مصلحة الطرف الأضعف (العامل) من خلال تمكينه من ترتيب أوضاعه ويتلازم مع ذلك  تمتع العامل أيضًا ووفقًا للبند (ج) بالحق في التغيب عن العمل يومًا كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات أثناء الأسبوع وذلك للبحث عن عمل آخر  بحيث تكون هذه المدة مدفوعة الأجر، كما نص  البند (د) من المادة (99) على حق أي من طرفي العقد في المطالبة بالتعويض عن إنهاء العقد إن كان لذلك مقتض .

وأشارت أن يضمن إضافة فقرة ثانية إلى البند (أ) من المادة (99) رغم أن البند (أ) في القانون النافذ يتكون من فقرتين مما قد يحدث التباسًا بين المقصود من التعديل، فهل هو إضافة فقرة جديدة ؟ أم استبدال الفقرة الثانية الحالية والتي تنص على الآتي " وإذا كان إنهاء العقد من قبل صاحب العمل جاز الاتفاق على أن تزيد مهلة الإخطار على ثلاثين يومًا." خاصة أن الفقرة الثانية الحالية من البند(أ) تحقق وترجح مصلحة العامل في حين أن الفقرة الثانية التي نص مشروع القانون على إضافتها تحقق وترجح مصلحة صاحب العمل فقط حيث تنص على الآتي :" ويجوز لكل من طرفي العقد الاتفاق على أن تزيد مهلة الإخطار على ثلاثين يومًا ولا تتجاوز المائة وعشرين يومًا بالنسبة للأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل خلال مدة زمنية قصيرة، ويصدر الوزير قرارًا بتحديد تلك الأعمال"، فرغم أن بداية الفقرة المقترح إضافتها توحي بأن الحق قد منح لكل من طرفي العقد إلا أن قصرها على الأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل يؤكد أن الغاية منها ابتداءً تقرير حق لطرف واحد وهو صاحب العمل، إذ أن تعذر العثور على عامل بديل مؤهل هي مسألة ترتبط بصاحب العمل وليس العامل.

ولفتت إلى إن ربط  بين الحق في مد فترة الإخطار وقصرها على الأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل، وقصور نص مشروع القانون في الوقت ذاته عن بيان حكم الأعمال الأخرى التي لا يصعب الحصول فيها على عامل بديل، قد يحمل على القول انطلاقًا من عموم عبارة ( يجوز لكل من طرفي العقد إنهاؤه بعد إخطار الطرف الآخر قبل الإنهاء بثلاثين يومًا على الأقل ) الواردة في الفقرة الأولى من البند (أ) بأن من حق صاحب العمل وفقًا لمشروع القانون الاتفاق على زيادة  مهلة الإخطار عن الحد الأقصى الوارد فيها(120 يومًا)، وذلك بالنسبة للأعمال الأخرى التي لا يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل خلال مدة زمنية قصيرة.

وأوضحت أن الاتفاق على مد فترة الإخطار بحيث تزيد على ثلاثين يومًا ولا تجاوز المائة وعشرين يوما من شأنه أن يلحق ضررًا بمصلحة العامل إذا كان هو الراغب في إنهاء عقد العمل ويخل بتوازن العقد إذ قد يفوت عليه فرصة الالتحاق بعمل أفضل وبشروط أحسن لدى صاحب عمل آخر أو قد يجبره على البقاء في ظروف عمل غير مناسبة رغمًا عنه بانتظار انتهاء مدة الإخطار أو اضطراره للتعويض عنها ولا يضمن العامل خلال تلك المدة رعاية حقوقه وحسن معاملة صاحب العمل له طيلة تلك المدة خاصة بعد أن علم برغبته بترك العمل.

وكما يضر بمصلحة صاحب العمل إذا كان هو الراغب في إنهاء عقد العمل، حيث يتوجب على صاحب العمل الانتظار طيلة مدة الإخطار المتفق عليها ويكون أمام خيارين إما أن ينهي عقد العمل فورًا ويوظف عاملاً بديلاً ويدفع تعويضًا عن مهلة الإخطار، وإما الانتظار لنهاية تلك المهلة، وفي هذه الحالة لا يضمن صاحب العمل ولاء العامل وقيامه بالعمل المكلف به على الوجه المطلوب خاصة بعد معرفته رغبة صاحب العمل التخلص منه.

وذكرت أن الاتفاق على مد فترة الإخطار بحيث تزيد على ثلاثين يومًا ولا تجاوز المائة وعشرين يومًا بالنسبة للأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل قد يجعل العامل عرضة للعمل الجبري خلافًا لإرادته أو العمل في ظروف عمل غير مناسبة لفترة زمنية قد تصل إلى أربعة أشهر (120 يومًا) كما يمس بحقه في الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر وفقًا للمادة (25) من القانون رقم (19) لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل وتعديلاته، وقد يندرج ضمن مفهوم استخدام العمل الجبري كوسيلة للإكراه وفرض الانضباط على العامل بالبقاء لدى صاحب العمل بصورة مخالفة للمادة (1) من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (105) لسنة 1957م بشأن إلغاء العمل الجبري والتي تم الانضمام إليها بالمرسوم رقم (7) لسنة 1998م  حيث نصت على ما يلي : " تتعهد كل دولة عضو في منظمة العمل الدولية تصدق على هذه الاتفاقية بحظر أي شكل من أشكال العمل الجبري أو العمل القسري، وبعدم اللجوء إليه.

وقالت  إن تقييد حق العامل في إنهاء عقد العمل أو ربطه بمدة زمنية طويلة ولو بناءً على موافقته باعتباره الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية قد يرتقي إلى مصاف العمل الجبري المحظور تشريعيًا وقد يعتبر تراجعًا في التدابير والإجراءات المتعلقة بالحق في العمل، حيث ورد  في الفقرات (37-40) من التقرير الثالث ( ب 1) المقدم إلى مؤتمر العمل الدولي – الدورة 96 لعام 2007 ما يلي: " عند النظر في معنى حرية (العرض الطوعي) للعمل أو الخدمة، يجب أن يؤخذ في الاعتبار الإطار التشريعي والعملي الذي يضمن أو يحد من هذه الحرية... إنه حتى في الحالات التي يكون فيها العمل في الأصل نتيجة لاتفاق مبرم بحرية، يظل حق العمال في حرية اختيار العمل غير قابل للتصرف. وفقًا لذلك، فإن تأثير الأحكام القانونية التي تمنع إنهاء التوظيف لمدة غير محددة أو لمدة طويلة بناءً على إشعار لمدة معقولة هو تحويل للعلاقة التعاقدية القائمة على إرادة الأطراف إلى الخدمة بإكراه القانون، وبالتالي فهي غير متوافقة مع الاتفاقية"، كما أكدت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة في التعليق العام رقم (18) لعام 2005 بشأن الحق في العمل على أهمية "عدم اتخاذ تدابير تراجعية في الأمور المتصلة بالحق في العمل".

وأكدت على صعوبة تحديد معايير موضوعية منضبطة يمكن الاستناد إليها في تحديد الأعمال التي يصعب فيها الحصول على عامل بديل مؤهل إذ أن مصدر الصعوبة كما قد  ينشأ عن طبيعة العمل فقد ينشأ عن ظروف ممارسته أو غيرها من الظروف المحيطة بعملية التعاقد، وقد يتأثر بعوامل مرتبطة بصاحب العمل وظروف سوق العمل، إذ قد يكون الإنهاء في وقت غير مناسب لظروف العمل بالنسبة لصاحب عمل بعينه دون غيره على نحوٍ يتعذر معه حصول صاحب العمل على عامل بديل مؤهل على النحو الذي نصت عليه المادة (112) من قانون العمل.