العدد 4927
الإثنين 11 أبريل 2022
banner
ثقافة السلام في الشرق الأوسط (1)
الإثنين 11 أبريل 2022

حظي حديث سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي خلال قمة النقب التي عقدت مؤخراً، باهتمام واسع من المراقبين والخبراء حول العالم، ولاسيما تعبير سموه عن أسفه لضياع "الأعوام الثلاثة والأربعين" (منذ أبرمت مصر وإسرائيل معاهدة السلام)، حيث قال "خسرنا على مدار هذه الأعوام معرفة بعضنا البعض بشكل أفضل والعمل معا، وتغيير السردية التي نشأت عليها أجيال من الإسرائيليين والعرب... ما نحاول بلوغه اليوم هو تغيير هذه السردية وخلق مستقبل مختلف"، وبالفعل يستحق هذا الحديث كل هذا الاهتمام ليس فقط لأنه يتسم بالشفافية والجرأة والمكاشفة والوضوح، لكن أيضاً لأنه يخترق جدار الصمت ويرسم الطريق نحو بناء سلام إقليمي حقيقي، ويفصح عما يعجز الكثيرون عن البوح به.

ما تضمنه خطاب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال تلك القمة التاريخية هو حقائق ثابتة لا ينكرها أحد، فإسرائيل بالفعل جزء من منطقة الشرق الأوسط، وعدم فتح قنوات الاتصال بينها وبين العرب لا ينفي هذه الحقيقة ولا يعني أنها غير موجودة، ومن يقول بذلك يخادع نفسه والآخرين، وبالتالي فإن استمرار الرهان على شعارات الماضي ودغدغة المشاعر بخطاب "المقاومة" ليس سوى استهانة بمعاناة الملايين في الداخل الفلسطيني، وتربحاً سياسياً تسعى إليه أطراف إقليمية عديدة، والاعتراف بالحقائق والانطلاق منها نحو البحث عن سبل حقيقية للسلام هو المخرج الوحيد من هذا العبث الذي يستنزف قضية عادلة ويتاجر بآلام أصحابها الحقيقيين.

إحدى الدلالات والحقائق المهمة في هذا الحديث أن تغيير المستقبل يبدأ من تغيير الواقع، وأن أية محاولة لبناء سلام حقيقي في منطقة الشرق الأوسط يجب أن تبدأ من تعديل القوالب النمطية الجامدة التي نشأت عليها الأجيال في منطقتنا، وغرس ثقافة تعايش تختلف عن ثقافة التهميش والإقصاء والعنف التي تقتات عليها تنظيمات التطرف والإرهاب التي تتخذ من القضية الفلسطينية مادة للتربح السياسي والديني. "إيلاف".

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .