كانت دقيقة الحزم، عاقلة شجاعة، وكانت قد أمضت أعواما عديدة وهي تعلم التلاميذ الذين كنت واحدا منهم، وعلى الرغم من بلوغي مرحلة الرجولة، إلا أنني مازلت أتعلم منها، ذلك أنها قالت لي في بساطة الشجرة التي تلقي ثمارها الناضجة عندما زرتها آخر مرة: أعتقد أحيانا “يا دونالد” أن أعظم شيء في الحياة هو القدرة على النمو، وكلما مرت الأعوام في حياتي، ازددت إيمانا بقولها، فإذا كان في النمو المرکب للطبيعة أي معنى أو اتجاه، أو أي قانون يشبه الأمر السماوي فإنه قانون النمو. إنني أسمع الناس يشيرون إلى هذا أو ذاك من الأحداث على أنه إرادة الله، أما أنا فلا أتفق مع هؤلاء إلا في أن القدرة الإلهية التي زودت المخلوقات بالحياة، أرادت لهم ببساطة أن يحتفظوا بالقدرة على النمو، البذرة، والبيضة، والبراعم، والشجرة، والحيوان، والجنس البشري، ومع ذلك، كم من الرجال والنساء توقفوا عن النمو؟
إنهم یشیخون حقا، لكنهم توقفوا منذ أمد بعيد عن النمو والازدهار الداخلي، إنهم لم يستوعبوا منذ سنوات أية أفكار جديدة خضراء، لم تزدهر في أعماقهم ألوان جديدة من الاهتمامات، والعواطف والمفهومات.. إنهم من الناحية الروحية أخشاب جامدة.
إن النمو - أي النمو في أعماق النفس البشرية - مسألة كفاح وجهاد، فبإرادتنا الخاصة يجب أن ننفذ من غلاف الآراء التقليدية لنصل إلى نور الحكمة العظمى، إلى ضوء يستطيع فيه الأحياء حتى العجائز أن يزدهروا إلى النهاية. إن هذه القوة كامنة في داخلنا وهي قوة رائعة معجزة، إنها التي تجعل الأرض تخضر، والأطفال ينمون، وهي التي تزود الجنس البشري المعذب بالآمال، وهي التي تهزنا جميعا من الأعماق.
تلك كانت الحكمة التي تعلمها أحد الأشخاص يدعى “دونالد كارلوس”، حكمة تجذبنا إليها كلما أردنا ارتفاعا.