لا يستغني العالم إطلاقًا عن برميل النفط، فالطاقة دماء الاقتصاد، أما عطر “شانيل” فيبدو غير ضروري أو مهم على الإطلاق من ناحية منطقية، لكن لماذا يكاد يكون سعر برميل النفط أقل من سعر عبوة صغيرة وربما قطرة واحدة من عطر “شانيل”؟ إنها ببساطة براعة التسويق.
كيف لشركة مثل “تسلا” أن تسجل خسائر لسنوات سابقة فيما سعر سهمها في البورصة يصعد ويصعد حتى باتت قيمتها السوقية أكبر من شركات عمرها عشرات السنين مثل “جنرال موتورز” و”تويوتا” وغيرها، وبات مالكها إليون ماسك أغنى رجل في العالم؟ إنها ببساطة براعة التسويق.
كيف يمكن أن تقنع شخصا عاقلا أن يصطف في طابور طويل لساعات وربما أيام حتى يسجل اسمه كأول من حمل جهاز آيفون 10 أو 13 ..؟ إنها ببساطة عبقرية ستيف جوبز، شيخ المسوقين.
التسويق فن، وعنوان عريض، يندرج تحته الكثير من التفرعات، وتختلف استراتيجيته باختلاف المنتج أو الخدمة وربما يكون التسويق لشخص أو لحملة خيرية تطوعية أو لغرس مكارم الأخلاق أو حتى للسيطرة على الرأي العام “بروبغاندا” كما كان يفعل غوبلز وزير خارجية ألمانيا النازية في عهد هتلر.
ما يهمنا في قطاع الأعمال في معظم الأحيان هو ترجمة جهود التسويق إلى مبيعات، إلى عوائد مالية تسجل كصافي أرباح، وأعتقد إن هذا الأمر هو التحدي الأكبر، بل المعضلة أمام كثير من الشركات خاصة التي يطلقها ويقودها رواد أعمال، فقسم التسويق أو المبيعات هو الحصان الذي يجر عربة الشركة بجميع مكوناتها، وإلا ستبقى مكانها مهما كانت باقي الأقسام مثل العمليات والإنتاج ونظم المعلومات والمحاسبة والموارد البشرية نشطة.
ولا يزال الاعتقاد شائعا أن الشركات بحاجة لميزانيات ضخمة للحصول على نتائج تسويقية، لكن في الحقيقة لم يعد هذا الحال في الوقت الراهن، ومن ضمن أشهر الطرق التسويقية الحالية التي لا تعتمد على رصد الميزانيات بل على نتائج المبيعات هي التسويق بالعمولة التي قد نكون في البحرين من أكثر الدول حاجة لاستخدام هذه الاستراتيجية لحاجة المسوّقين لمصادر دخل إضافية.
التسويق بالعمولة هي استراتيجية يربح بها المسوّقين العمولات للترويج للشركات والمنتجات بناءً على حجم المبيعات، وما يميز التسويق بالعمولة هو قلة التكاليف التشغيلية، فلا تحتاج الشركات أو المسوقين لرأسمال كبير، والعمولات لا تدفع إلا بعد تحصيل الشركات للأرباح، كما أن للمسوقين فرصة كبيرة للانخراط في عالم الأعمال دون الحاجة لصرف مبالغ على إنتاج وتخزين البضائع، وللتسويق بالعمولة قدرة على تسهيل عملية التوسع للشركات، فهم قادرون على الاتفاق مع مسوقين حول العالم لتسويق منتجاتهم.
من المتوقع وصول سوق صناعة التسويق بالعمولة إلى 8.2 مليار دولار في عام 2022 في الولايات المتحدة وحدها، وهذا ما يجعل أكبر الشركات والمتاجر الإلكترونية تعتمد بشكل كبير على هذه الاستراتيجية، التي تحتاج لشركة ومنتج وبرنامج للتسويق بالعمولة يوضح آلية الاتفاق بين الشركة والمسوق ومبالغ العمولات وآلية صرفها. ولتتبع المبيعات بشكل صحيح ودقيق، تبقى الحاجة لإعداد موقع ويب أو تطبيق جوال.
نصيحة لرواد الأعمال
من المهم أن ندرك أن التسويق بالعمولة لا يتعلق فقط بموقع جميل وتحديد العمولات للمسوّقين، إذا كنت ترغب في تحقيق أقصى استفادة منه، فأنت بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق وبناء استراتيجية متكاملة أو التعاون مع خبراء في مجال التسويق بالعمولة وقمع التسويق (Marketing Funnels).