+A
A-

الديلمي: المؤسسات المتعددة الثقافات الأكثر إبداعًا وانفتاحًا للمتغيرات

- يوجه الكتاب رسالة مهمة للمديرين التنفيذيين حول التنوع الثقافي للقوى العاملة

دشّن محمود الديلمي كتابه الجديد بعنوان “فهم التنوع الثقافي في الخليج (من منظور إداري)”، الذي يعتبر الأول من نوعه في تسليط الضوء على التنوع الثقافي في دول مجلس التعاون الخليجي، ومدى النجاح في تطبيق أدوات الإدارة الغربية وبرامجها في الثقافة الخليجية.


يوجه الكتاب رسالة مهمة للمديرين التنفيذيين حول التنوع الثقافي للقوى العاملة والأسباب الكامنة وراء الوقوع ضحية عثرات الأفكار النمطية لعمل جنسيات مختلفة معًا. كما يدرس الكتاب نظرة مختلف الجنسيات العاملة في الخليج العربي للإدارة وماذا تريد هذه الفئة من العمل وما الذي يحفزهم للعمل في هذه المنطقة. واستعرض الكتاب في صفحاته الـ 135 مجموعة من الموضوعات ذات الأهمية كالمجتمع الخليجي ونظامه العائلي والقوى العاملة والتحديات الجديدة، ودور الثقافة في إدارة المؤسسات، إلى جانب التطرق إلى مفاهيم القيادة وعلاقتها بالثقافة وأساليب الإدارة التفضيلية، وما أبرز حوافز العمل بالنسبة للعمالة الوطنية الخليجية والعمالة الأجنبية.


ويقول الديلمي في كتابه إن عالم الأعمال أصبح اكثر ترابطًا بفعل العولمة، وكنتيجة لذلك، فإن القوى العاملة في العديد من المؤسسات تضم أناسًا من مختلف مناطق العالم يتحدثون عدة لغات ويمثلون عدة ثقافات ومبادئ وقيم، ويسهل حدوث ذلك مع مواصلات واتصالات أسهل وتكنولوجيا معلومات أكثر تطورا من السابق، جالبة معها مختلف الأجناس من البشر في بيئة عمل واحدة والذين يملكون خبرات وتجارب متنوعة للتواصل فيما بينهم.


وبين الديلمي في كتابه “يتفاعل الناس بمختلف أنماط حياتهم وخلفياتهم الثقافية فيما بينهم في بيئة عمل واحدة بغية تحقيق وتطوير أهداف مؤسسية أو وطنية مشتركة، ومنها تتحقق أهداف شخصية فردية”.


وأضاف الديلمي “لم يعد التنوع الثقافي أمرا غريبا أو شاذا في أي بقعة على مستوى العالم، بل ساهم في رفع مستويات المعيشة وزيادة الثروات وضمان فهم افضل للعالم الذي نعيش فيه كبيئة عمل عالمية واحدة. وقد أظهرت الدراسات أن المؤسسات المتعددة الثقافات هي اكثر ابتكارا وابداعية، وأكثر اهتماما حين يتعلق الأمر بالتعامل مع أناس من مختلف الجنسيات، واكثر حساسية كذلك للتغير البيئي”.


وتابع الديلمي في كتابه “تميل المؤسسات المحتضنة للتنوع الثقافي إلى استقطاب أفضل الخبرات من مختلف أنحاء العالم وخلق ثقافة مؤسسية هي الأفضل لجميع أفرادها وطواقمها تتمثل بالتعاضد الثقافي. وإن فهم القيم المسيطرة لمختلف الجنسيات العاملة في مجتمع واحد سيجلب النجاح والانسجام للمجتمع. ولاحترام اختلافاتنا يجب تحديدها وفهمها”.


وذكر الديلمي أن انفتاح المجتمعات الخليجية على الإدارة الأجنبية ليس بجديد، خصوصا وان المجتمع الخليجي مرّ بتغيرات اقتصادية واجتماعية كثيرة بصورة مستمرة.


وعن قراءته حول مؤهلات العمالة الوطنية في المنطقة، قال الديلمي “إن الجيل الجديد من القوى العاملة الوطنية افضل تعليما من الجيل الذي قبله وأكثر صحة، ويقرأون أكثر ومنفتحون على جميع الثقافات عبر برامج التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي والسفر لدول أجنبية لقضاء عطلاتهم. وكنتيجة لذلك لديهم توقعات أعلى مقارنة مع الأجيال التي سبقتهم”.


وتابع الكاتب “كل شخص يملك إمكانات محددة وحدود معينة للتطور وتأدية أفضل ما عنده وبذل أقصى ما في وسعه، ولكن ليكون هذا الأداء أكثر فاعلية يجب أن تكون احتياجات الشخص متحققة ومشبعة. وعلى افتراض أن الاحتياجات الأساسية تم تحقيقها وتغطيتها، فإن الرضا يأتي من إمكانية التعبير عن انفسهم وذلك من الاعتراف بهم والتحكم بالأمور التي تؤثر على مجرى حياتهم”.


وزاد الديلمي في كتابه “في العمل هناك احتياجان يتضاربان مع بعضهما البعض، الحاجة إلى التعبير عن الذات من قبل المرؤوسين والحاجة إلى السيطرة والتأثير من قبل الرئيس. بالنسبة لنظرية مولدر لمسافة القوة، يستهدف المرؤوسون خفض مسافة القوة بينهم وبين الرئيس للتعبير عن انفسهم بحرية أكبر. وسيحاول الرئيس الحفاظ على أو تكبير هذه المسافة لعدم فقدان السيطرة”.


واستطرد “لتحقيق التوازن بين هذين الأمرين، نحتاج إلى أن نتجاوز حدود الأعراض الظاهرية للخلافات في المؤسسات، على سبيل المثال: الخلاف بين الأفراد بمستوى هرمي. نحتاج إلى فهم الأمور التي تؤثر على العلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين، وبين السيطرة والاخضاع، وبين احتياجات المؤسسات واحتياجات الأفراد. نحتاج إلى تقدير وفهم بين رغبة الفرد للسيطرة على الذات لتحقيق أهدافه الشخصية واحتياج المؤسسة لتنظيم مختلف مهامها”.


وقال الديلمي “من الضروري فهم ماذا يفعل الناس بالسلطة وماذا تفعل السلطة بالناس لتجنب انعدام الثقة وقطع قنوات التواصل بين من يملكون القوة والسلطة ومن لا يملكونها. فلطالما كانت السلطة المفروضة على الناس موضوعا مطولا للنقاش والجدل على مستوى الفلاسفة وعلماء الإنسان والنفس والأحياء. وقد تكون المصدر الرئيس للإلهام بالنسبة للأدباء، ويعرف السياسيون بأنهم شغوفون بهذا الموضوع”.


وأضاف “يعتبر النفوذ أمرًا يسعى كثيرون لامتلاكه، فيما يحصل عليها القليل من الناس. حيث يعد النفوذ أصلا ثمينا ومن النادر التنازل عنها أو ربما لا أحد يفكر بالتخلي عنها. النفوذ هي مزيج بين القوة والموارد لجعل أمور معينة تحدث. بمعنى يجب السعي وراءها أو الدفع مقابل الحصول عليها”.


ويرى الديلمي أن من جرّب النفوذ يدرك بأنها مغرية، ففي الوقت الذي يمكن استخدامها في نواح إيجابية، يمكن إساءة استخدامها أيضا وبسهولة. ربما يكون الفساد وسوء استخدام النفوذ هو من يجذب انتباه الناس للتفكير بالسلطة بشكلها السلبي، ويتحدث الناس عن أمثلة سوء استخدام اكثر من حالات الجوانب المفيدة من السلطة. وبالتالي فإن السلطة موضوع محيّر ومعقّد.


وبين الكاتب أن الناس يسعون وراء السلطة بسبب حاجتهم إلى التأثير، فكلما ارتفع الشخص في التسلسل الهرمي تزداد حاجته للسلطة والقدرة على السيطرة. ففي نهاية المطاف تعتبر الإدارة لعبة تأثير والسلطة هي الأداة التي من خلالها يؤثر شخص على آخرين.


وأردف بالقول “إن وظيفة المدير تعتمد على الآخرين سواء أكانوا أفرادا أو مجموعة من الناس أو مؤسسة، ولذلك فإن المديرين يحتاجون إلى مهارة الحصول على النفوذ واستخدامها للقيام بعملهم. سواء أكان الشخص يسعى إلى راتب أعلى من رئيسه أو تعاون أكبر من زملاء العمل وأداء افضل من المرؤوسين، فهو يحتاج إلى امتلاك السيطرة على العملية للحصول على ما يريده. مع كسب الناس لنفوذ أكبر، فهم يقومون بتطوير خيارات أكثر ومزيد من السيطرة على موارد متنوعة مثل الأفراد والمعدات والمال والمعلومات وغيرها. مزيد من النفوذ يعني مزيد من السيطرة وحرية التصرف. النفوذ يجلب الغنى والمكانة الرفيعة في المجتمع والمكانة المرموقة. كما يحب الناس التواصل مع الشخصيات المؤثرة من أصحاب القرار لينجزون أمورهم بسرعة. يتجه الناس لاحترام الشخصيات المؤثرة طالما كان نفوذهم ومراكزهم قويمة وليست غير قانونية”.


وذكر الكاتب “سواء في السياسة أو بين المؤسسات، غالبا ما يقوم المديرين بمقارنة إنجازاتهم عبر تقييم درجة السلطة أو النفوذ التي يملكونها ومقارنتها مع أقرانهم. وجدت الدراسات أن غالبية المديرين محفزين بالسلطة أو مقدار النفوذ. كما وجدت الدراسات بأنه ليس بالضرورة ان كنت محفزا بالسلطة أن تقلل من أداء المرؤوسين، كما أظهرت انه في الأقسام ذات مستويات الأداء العالي يتجه المديرون لتسجيل معدلات أعلى في تحفيزهم بالسلطة. كما لدى المديرين المحفزين بالسلطة حاجة أكبر للنفوذ من حاجتهم ليكونوا محبوبين”.


وقال الديلمي “نحن غالبا نطرح تساؤلات ولا نثق بدوافع الناس الذين يسعون وراء السلطة أو النفوذ. نميل إلى ربط السلطة بالفساد والاستغلال، ولكن دونها القليل جدا يمكن إنجازه، وفي المؤسسات الكبيرة والمتشعبة اليوم، لكي يكون المديرين فعالين ومؤثرين يتوجب عليهم أن يمتهنوا السلطة واستخدام نفوذهم بحرفية. من دون السلطة أو النفوذ لن يكون هناك قدرة على التحكم، ومن دون التحكم لن يكون هناك انضباط، وستكون هناك صعوبة في الحفاظ على النظام وتحقيق الإنتاجية المطلوبة”.


وأردف الديلمي “أن مصادر السلطة عديدة، رسمية وغير رسمية، شرعية وغير شرعية، مرغوبة ومنبوذة، ليس بالضرورة أن تكون جميعها قابلة للتنفيذ أو النجاح في كل مؤسسة أو وضع. هنالك العديد من العوامل التي تؤثر على مواطن قوة أو ضعف أي سلطة لأي شخص مثل هيكل المؤسسة والثقافة ونظام الإدارة وغيرها. إضافة إلى ذلك، بغض النظر عن مصدر السلطة أو النفوذ، الأهم كيفية وأسباب تطبيقها”.

ويتوفر الكتاب في مكتبة جاشنمال في السيتي سنتر ومجمع العالي وعبر الموقع الإلكتروني www.bahrainbooks.com