+A
A-

ظلال السرد في الخليج .. جديد الناقد فهد حسين

اختار الباحث البحريني فهد حسين في قراءته للنتاج السردي الخليجي، أن يجلس في المساحة الوسطى، التي لا هي مضاءة ولا هي معتمة، مساحة الظلال، المساحة التي تمكن الباحث من قراءة المادة الأدبية بكل أريحية، من دون إضاءة تعشي العين، أو عتمة تطمس مواطن الجمال.


في كتابة الأخير، والصادر عن دائرة الثقافة في إمارة الشارقة، يتناول الباحث موضوع الرواية، والقصة القصيرة، والقصة القصيرة جدًا في الخليج العربي، بدءًا بتعريف المصطلح، والإطلالة التاريخية، مرورًا بالعوامل التي شكلت الإرهاصات لظهور هذه الأنواع الأدبية، ووصف البدايات الأولى، إلى أن يتناول ملامح تكوين وتشكل السرد في الخليج، مع توصيف للملامح الفنية لمجمل هذه الأعمال، وأبرز التقنيات التي تم توظيفها فيها، ولم تغب النظرة للمستقبل، والحديث عن أفق هذه الأعمال.


من الفصول اللافتة في الكتاب، هو الفصل الذي خصصه الباحث للرواية النسائية في الخليج، وأبرز ملامحها، وأهم الموضوعات التي تضمنتها.


وكذلك الفصل الذي قرأ فيه الباحث أعمال (جيل الشباب)، وهي الأعمال التي تحتاج من الباحثين أن ينزلوا لها قليلًا ليستمعوا لمؤلفيها الشباب، الذين لا يمكن قراءة أعمالهم بذات الأدوات التي قُرئت بها أعمال الرعيل الأول من الأدباء.


كما تناول الكتاب بكل أكثر اتساعًا، سبعة نماذج لأعمال روائية خليجية، منها رواية (الشيخ الأبيض) لسمو الشيخ سلطان القاسمي، ورواية (الباغ) لبشرى خلفان، ورواية (طريق العنكبوت) لعبدالحميد القائد، وغيرها من الأعمال التي تكشف عن التنوع الجغرافي، والموضوعاتي، والأدواتي، في الرواية الخليجية، هذا التنوع الذي يؤكد أهمية الحراك الأدبي في المنطقة، ودور كتابها في مجمل المشهد الثقافي الخليجي والعربي.


مثل هذه الدراسات تساهم في تقديم المشهد السردي الخليجي للقارئ العربي، كما أنها تكشف ما تتصف به هذه المنطقة من ملامح ثقافية، بل وتضيء على الجانب التنويري الذي سعى إليه أدباء المنطقة.


الكتاب هو إذًا أشبه بتقديم مراجعة للمنجز السردي الخليجي، ويشكل قاعدة مهمة للدارسين الذي يرغبون في معرفة الكتابة السردية في منطقتنا. وفيه يقدم الباحث دعوة لطلبة الدراسات العليا في المنطقة لتقديم أطروحات عن الأدب الخليجي، في محاولة لسد النقص الكبير في مثل هذه الدراسات مقارنة بالأدب العربي.


يذكر أنه صدر للباحث في نهاية العام الماضي كتاب آخر بعنوان (تاريخ السرد وفنونه في البحرين (1941 - 2018)، كما صدرت له عدة دراسات، ونشرت له عدة مقالات نقدية تنصب حول السرد العربي عموما، والخليجي خصوصا.


هذا المنجز، يكشف لنا كيف أن الباحث، مأخوذ بالجلوس تحت ظلال شجرة السرد الخليجية، ليكتب مشروعه، وهو يلمس تساقط الثمار عن تلكم الشجرة، التي كلما زادت فروعها وكثرت أوراقها، اتسعت ظلالها.