“المشوار الطويل يبدأ بخطوة واحدة”، “إن من مجموع قطرات الماء يتكون المحيط”.. هذه الأبيات أو الحكم لابد أن تكون عالقة بذهن الشباب الذي يريد بحق أن يسير في شارع النجاح الذي لا يسير فيه إلا أصحاب الإرادة القوية والعزيمة الذين يرفضون الاستسلام لدوامة المصادفات كمحطة هروب للسهل والمتداول.
الكثير من شباب اليوم وبالرغم من أن عالمهم مليء بالطهر والصفاء وحب الحياة، إلا أنهم يستعجلون الربح المادي والنفاذ السريع إلى المستقبل بدون وجع وتجارب ومعاناة، بل إن بعضهم ينهش في أطراف أصابعه ويأكل من أمعائه لأنه يريد أن يحلق في الأفق سريعا حاملا “حلمه” قبل السقوط، يريد أن يقطع الجبال والصحاري ويجتاز السدود إلى حديقة الحياة هكذا بدون جهد وعناء وسحر قصة يرويها لمن سيأتي من بعده من الأجيال.
الإنسان إذا صحت عزيمته، استطاع أن يقرر مصيره ويكون سيد نفسه، ويفرض إرادته، ولن يتأتى ذلك إلا بالسير في الطريق من العتبة الأولى بنفس متفائلة وغنية بالآمال والانتصارات، فليست هناك أية قيمة ومعنى لحياة بدون صعاب وشجرة ملعونة من الألم وصرخة الروح الكئيبة وصدى النحيب.. من يريد بلوغ مرتبة السعادة والعيش في فضائها المقدس عليه أولا أن يلج عوالم التحدي والإصرار وينزع عن نفسه كل أثواب “الراحة والاعتماد على الغير”، فذلك المنبع الذي يستمد منه قواه، والتاريخ يغص بحكايات عن أناس أحرقوا تفاصيل أعمارهم في الاعتماد على الغير وحلقوا بأجنحة ليست لهم، ومن ثم انطفأت مصابيحهم، أرادوا اقتلاع النجاح من أرض غيرهم وأخيرا ركضوا مذعورين في جميع الاتجاهات.
النجاح مثل الإنسان تماما، يكبر ويكبر لغاية الوصول إلى القمة، وهذا الأمل الشاهق هو الذي يعطي لحياتنا معنى، فعلى كل شاب أن يتعلم اختراق حصار الحياة خطوة خطوة، ليرى بعد ذلك أن جهده قد تفتح أزهارا.