العدد 4808
الإثنين 13 ديسمبر 2021
banner
هناك كنز في الحياة اسمه فن البساطة
الإثنين 13 ديسمبر 2021

ظاهرة البطولة في الشراء وتبذير الأموال على كماليات لا نحتاج إليها في حياتنا، ظاهرة منتشرة في مجتمعنا بل قد تكون من الميزات العظمى، كل ينظر إليها من زاويته الخاصة بعقل غائب ومستسلم، وبنظرة سريعة في بيوتنا بطريقة معتادة أو غير معتادة سنكتشف أن في غرفنا حاجات لا نستعملها، إنما اشتريناها من باب المودة والإعجاب الوقتي ونتعامل معها بالعاطفة الرومانتيكية، أشياء نجري وراءها برغبة ملحة دون أن يقبلها عقلنا، فما الذي يدفعنا مثلا لشراء القطعة “ج” وهي موجودة عندنا في المنزل، في باطننا المحسوس نعرف أن القطعة موجودة وصالحة ومع ذلك نصاب بالذعر والخوف منها وكأنها تأمرنا بإحضار زوج لها. 
هوس الشراء دون تفكير أصبح مثل عود الثقاب الذي يخرج من باطن الأرض وينذر ببركان مذاب، ترتعش اليد إذا لم تغص في أعماق الجيب وتتألق في ميدانه لتصرف على سلعة لا نحتاجها، ولتضاف إلى لائحة الرفاهية الزائفة التي لا تعرف الشبع أبدا، تصرف غريب وغير متزن مع نغمات كونية مشوهة، بدليل.. تفحص عدد الأكياس التي يحملها البعض وهو خارج من أحد مراكز التسوق أو المعارض، ستكتشف أن فيها ما يعادل 70 في المئة أغراضا وسلعا لا يحتاجها، وكأن هناك قوة خارجية فرضت عليه الشراء، وهذه الشخصيات تتجسد على خشبة المسرح أمامنا كل يوم وتمثل المطامع البشرية وحب الظهور وتخطي عتبة أبعد من بيوتها!
هناك كنز في الحياة اسمه فن البساطة، ويقابله غدر الشركات التي تلعب على مشاعر المستهلك وتؤثر عليه بالدعايات، وتتحكم في جيبه وتسلب إرادته وتسد منافذ الطرق أمامه بزحام السلع والمواد وفتنتها، وللعلم.. كثير من الشركات لديها خبراء وعلماء في النفس مهمتهم قراءة العقول والوجوه وتدبير الخطط والتمثيليات، والضحك على الناس بدعايات توجه صيحات الإعجاب، لكن لو تعمقت ما وراء تلك الدعايات ستصاب بالصداع وسيتحول مكانك مظلما والنوافذ صغيرة لا يكاد يدخل منها الضوء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية