العدد 4705
الأربعاء 01 سبتمبر 2021
banner
استراتيجية جديدة لمواجهة قادم الأيام
الأربعاء 01 سبتمبر 2021

على بعد نحو أسبوعين تحل ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، ذلك اليوم الدامي في تاريخ الشعب الأميركي بشكل خاص، والبشرية بأسرها بنوع عام، فقد ترك أثرا لا ينسى وخلف جرحا غائرا لم يندمل حتى بعد مرور عقدين من الزمان، ومع هذه الذكرى المؤلمة يتداعى التساؤل: "هل انتصر العالم على الشر والأشرار، أم أن الوضع الدولي الحالي لا يبشر بالخير، ما يعني أن صولات وجولات في وجه العنف والتطرف سوف تشهدها الخليقة، ومعها سيقع ضحايا لا ذنب لهم؟

التساؤل المتقدم ومن مصادفات القدر واكبته أحداث الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وتطورات المشهد في بعض دول أفريقيا والخاصة بعودة العديد من الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة للسيطرة على مراكز لوجستية متقدمة، الأمر الذي يجعل شبح الخوف من جولة عالمية جديدة مع الإرهاب تعود لتطل برأسها من نافذة الأحداث.

والشاهد أنه على الرغم من أن حركة طالبان، قد وعدت في مفاوضاتها مع الأميركيين في الدوحة، بعدم حماية مقاتلي تنظيم القاعدة، فإن كثيرا من المراقبين والدارسين للجماعات المتشددة، لا يثقون في تنفيذ مثل هذا الوعد. ومن ناحية أخرى، فحتى لو توافر لطالبان حسن النية في شأن عدم إيواء تنظيمات إرهابية، فإن حالة اللا دولة التي توجد فيها أفغانستان، تغري القاصي والداني من الجماعات الإرهابية بالمضي قدما إلى هناك، وتكريس تلك الأوضاع المأساوية، للانطلاق مرة أخرى في عالم الجريمة والإرهاب المنظمين والكبيرين.

ولعل ما حدث في مطار العاصمة الأفغانية كابول الأسبوع الفائت من انفجارات، تقف وراءها جماعة داعش خوراسان، يؤكد صدقية المخاوف من أن تتحول أفغانستان إلى ملعب كرة قدم أممي، تقام عليه بطولة العالم للإرهاب إن جاز التعبير. الأجواء الدولية تنذر بحدوث تحولات خطيرة على صعيدي الشرق والغرب معا، ذلك أنه فيما تعود الأصوات الأصولية مرة أخرى، نجد قرينتها من القوميات والشوفينيات تتصاعد في الغرب في أعلى عليين، الأمر الذي يؤدي إلى عالم تصادمي وغير تفاهمي، تكثر فيه علائم الافتراق، ويفتقد إلى أية منطلقات للاتفاق.

هل لابد من توجه استراتيجي جديد للأمم المتحدة وكل الدول المنضوية تحت جناحيها لمواجهة الخطر المتصاعد القادم من بعيد؟

أغلب الظن أن ذلك كذلك، لاسيما أن التحدي القادم حكما سوف يختلف عما عرفه العالم في زمن الحادي عشر من سبتمبر من جانبين: أولا: أضحت وسائط التواصل الاجتماعي نعمة ونقمة في ذات الوقت، ففي حين تسهل حياة البشر وتدفع مساراتهم إلى الأمام، يستغلها النفر الذي يؤمن بالعنف أسوأ استغلال، ويسخرونها لخدمة أغراضهم الإرهابية، ما يجعل المتوقع من الإرهاب أفدح مرارا وتكرارا عما حدث قبل عقدين.

ثانيا: ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي، عزز من القدرة على التواصل حول الكرة الأرضية، وليته كان تواصلا بغرض البناء والنماء، إنما سعيا في طريق الموت والفناء.

يحتاج العالم في حاضرات أيامنا إلى دروب فكرية لمجابهة الإرهاب والإرهابيين، أوسع بل أنفع وأرفع من مجرد المواجهات الأمنية.

نعم الأمن مهم، وإحكام قبضته مطلوب ومرغوب، غير أن الإرهاب فكر في أصله، وعليه فمقابلته تتوجب أن تكون فكرا أول الأمر وهذا هو الأهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية