امتزجت المشاهد المخزية بالمشاهد المخيفة والمفزعة في مسلسل دخول طالبان العاصمة الأفغانية، كابل، وسيطرتها السهلة والسريعة على أرجاء الدولة ومؤسساتها، وكانت الفوضى سيد هذا الموقف الذي تابعه العالم بكل دهشة واستغراب وتساؤلات حول كواليس تلك القدرة لطالبان في إحكام سيطرتها وبسط قبضتها على البلاد.
من القصص المهمة في المشهد الأفغاني والتي تضرب مثالا للانتماء والولاء لأرض الوطن، تأتي قصة محبوبة سراج التي سردها موقع البي بي سي على الإنترنت، موضحًا أنها ناشطة في ميدان المرأة والطفل، وتترأس “مركز تطوير مهارات النساء الأفغانيات”، والتي تهدف لتمكين النساء والفتيات.
محبوبة لم تخف من الفوضى المسيطرة على أفغانستان حاليا، ولم تنزعج من الموقف الطالباني المعروف من المرأة وحريتها وحقوقها، بل إنها آثرت العودة لأفغانستان وليس الهروب كما فعل الكثيرون، وصممت على مواصلة مهمتها، وكانت لديها الجرأة والشجاعة أن تعلن استعدادها للتفاوض مع طالبان حول قضايا النساء وهي تعرف كيف كان وضع المرأة أثناء سيطرة حركة طالبان على أفغانستان من عام 1996 إلى 2001، حيث حرمت من التعليم والعمل وتم التضييق عليها في مسكنها ولبسها وحركتها.
تؤكد محبوبة أنها لا تخاف من طالبان ولا يمكنها الآن الاستسلام للذعر، قائلة “لا وقت لدينا للذعر، لا وقت لدينا للتأسف على حالنا، لا وقت لدينا للدراما”، مضيفة: “لست شهيدة، لست امرأة جسورة جدا.. لكنني في الوقت ذاته أؤمن بالمسؤولية ولديّ مسؤولية تجاه أهلي، أنا امرأة أفغانية - وأريد البقاء في بلدي وأن أكون هنا قربهم”.
محبوبة تختلف عما نسمعه ونشاهده في مثل هذه الظروف الصعبة والحاسمة عن “نشطاء” في دول كثيرة لكنهم بانتهازية واضحة يقفزون على المشهد ويتقربون من الوجوه الجديدة المسيطرة ليكون لهم نصيب في كعكة الحكم والمناصب أو أنهم يسرعون بالهروب للخارج الذي يتحكم بهم ليضعوا سويًا خطة العمل والتعامل مع النظام الجديد بما يضمن لهم استمرار المزايا والمنافع التي تأتي من وراء تسميتهم نشطاء.