العدد 4695
الأحد 22 أغسطس 2021
banner
عاشوراء... ونماء الوطن
الأحد 22 أغسطس 2021

قد يكون من محاسن الصدف أن يأتي التاسع والعاشر من محرم هذه السنة ونحن منتصرون حتى اللحظة على جائحة كونية تفشت ولم تترك أخضرًا أو يابسًا إلا وكانت له بالعدوان.

قد يكون من محاسن الصدف أن تكون الموعظة الحسنة في تلك الأيام المباركة التي عشناها في كنف الذكريات العطرة لاستشهاد إمام المسلمين الحسين بن علي عليه السلام أن يكون لدينا ما يجمعنا، أن نتعلم من دروس الماضي، أن نكون على قلب رجل واحد، وأن نعلم بأنه لا يحك جلدك مثل ظفرك، فالإمام الحسين سيد الشهداء كان رمزًا لجميع المسلمين، قبل أن يكون سيد شهداء الجنة، هو الذي ذهب إلى نهاية العالم لكي يدعو إلى الإصلاح، وضحى بالغالي والنفيس من أجل أن تكون أمته في عز وتراحم وتعاضد إلى يوم الدين.

رغم ذلك مازلنا نكابر، ومازال فريق من بني جلدتنا يحاول شق وحدة الوطن، وتقسيم الأمة بالتمييز ضد هذا أو ذاك، في حين أن عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة الملك حفظه الله ورعاه يدعو مرارًا وتكرارًا إلى ضرورة لم الشمل، إلى دعم المؤسسات الوطنية التي تدعو إلى التسامح واحترام حرية الأديان والعبادات، بل والأكثر من ذلك نحن إذ نعيش هذه اللحظات المباركة من أيامنا في شهر محرم من كل عام، فإننا مطالبون بأن نكون على قلب رجل واحد، لا يشق صفوفنا مدعٍ، أو خارج عن القانون، أو غافل عن صحيح الدين.

إن أمتنا الإسلامية وبلادنا العربية، ومملكتنا الحبيبة البحرين لهي قادرة أن تحقق المستحيل، أن تكون أكثر جمالًا واستقلالًا، وأن ترأب الأصداء في مهدها، وتقضي على الفتن عندما ترعى تحت الرماد والمحن، وأن تصبح بحول الله أمة لها من القدرات والإنجازات ما يجعلها دائمًا في مقدمة الصفوف.

وها نحن اليوم ورغم الجائحة الكونية الرهيبة، نشهد ذلك التجلي الذي أدى إلى توحيد صفوف الناس، قيادة وحكومة وشعبًا في وجه الفيروس اللعين، تمكننا بعون من الله عز وجل، وباحترافية اللجنة التنسيقية برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه وفريقه الوطني من التحليق برشاقة واحترافية أهل الخبرة بين جميع ألوان الجائحة، من الأحمر إلى البرتقالي إلى الأصفر ثم إلى الأخضر، اجتزنا كل المراحل وتعاطينا مع جميع الألوان، ونجحنا في المرور بسلام آمنين بين كل الفترات العصيبة، محققين أعلى نسب الاستشفاء، وأعلى معدلات التطعيم والفحوصات، وأقل معدلات للإصابات على مدى الـ 18 شهرًا الماضية، هذا يؤكد مدى تلاحم الشعب مع حكومته، والناس مع قيادتها، والإنسان مع قيمته وأخلاقه ورفيع مودته.

واليوم نشهد مواجهة جديدة للتحدي، كورونا مازالت موجودة وآثارها مازالت تنتشر هنا وهناك، والأيام المباركة تفرض علينا سلوكًا من نوع جديد، احتراز على أعلى مستوى، وبروتوكول في منتهى الانضباطية والمرونة والاحتراز، وتباعد اجتماعي لا يجب أن ننظر إليه على أنه قيد، أو امتناع، أو تخلي عن عادات وتقاليد، ومناسك وعبادات، بالعكس إن في التباعد تراحم، وفي التأني السلامة وفي العجلة الندامة.

مازلنا تحت وطأة الجائحة، ومازال العالم يعاني، والناس يتأففون، والدول تبذل قصارى جهدها كي تذود عن أمة الإنسانية وتدافع عن حقها في الشفاء والبقاء والارتقاء، سنكون مجددًا أو كنا والصحيفة تمثل للطباعة أمام امتحان صعب جديد، هل نستلهم من عاشوراء الكيفية والعبر التي تجعلنا أكثر قوة وتلاحمًا وصلابة في وجه العدو الحقيقي للبشرية، وهو فيروس كورونا اللعين؟ أم إننا سنغض الطرف فندفع الثمن؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .