العدد 4681
الأحد 08 أغسطس 2021
banner
حظر التمييز
الأحد 08 أغسطس 2021

لم يكن ذلك بالجديد، لكنه ملك القلوب، ومن خلال مرسوم بقانون يحمل الرقم 16 لسنة 2021 أصدر عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إصلاحًا تشريعيًا فوق العادة يمنع بموجبه التمييز في الأجور بين العمال والعاملات بالقطاع الأهلي، وذلك في العمل ذي القيمة المتساوية، وهذا المرسوم السامي إن دل على شيء إنما يدل على رغبة القيادة في تعظيم التمكين للمرأة، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضدها، وتوفير مناخ عمل ملائم لإمكاناتها وتطلعاتها.

كما يأتي هذا المرسوم ليرد الصاع صاعين لم يتشدق في الدول الكبرى بحقوق الإنسان، بحريات المرأة من دون تشريع حاسم حاكم يصون مستقبلها ويحمي أسرتها ويقيها شرور الأيام الصعبة.

في الدول الصناعية الكبرى يتم التمييز الفادح في الأجور بين الرجال والنساء، الرجال يحصلون أحيانًا على أضعاف رواتب النساء لمجرد أنهم رجالًا، حتى القوانين الوضعية لا تحمي المرأة من بطش الزمان والمكان وظروف الحياة، لكنها تضع نصف المجتمع وأمه ومصدر إلهامه وروعته في سجن تشريعي انفرادي لا يصون حقوقها ولا يفي بمتطلباتها.

ربما يشجعنا هذا المرسوم لكي نفتح ملفات أخرى تخص المرأة البحرينية، ربما تدفعنا مكرمات جلالته إلى الطمع في حضانة قانونية للأم البحرينية على أبنائها من آباء أجانب من دون اللجوء إلى المحاكم، على أقل تقدير حق الإقامة أو الجنسية لأطفالها، وعلى الأقل لحفظ وصيانة الأخلاق الحميدة التي تربى عليها النشء في البحرين الغالية، وعلى الأقل لكي نستكمل منظومة التشريعات التي تمنح للمرأة ما تمنحه للرجل، ليس فقط فيما يتعلق بالمساواة في الأجور، وليس فقط بإشراك المرأة في القرار الذي يخص مستقبل وطنها من خلال حق الترشح والانتخاب وليس أيضًا تجاوزًا للإنجاز الكبير والاستحقاقات الفياضة التي حصلت عليها المرأة وتمكنت من خلالها أن تصبح وزيرة وقاضية وسفيرة ورئيسة لمجلس النواب وللجمعيات المهنية والمجتمعية المختلفة، إنما أيضًا فيما يتعلق بحياتها الخاصة، بمستقبل أبنائها، بحريتها في اختيار شريك حياتها.

إن المرسوم بقانون الذي أصدره صاحب الجلالة الملك الأربعاء الماضي يعزز الاستقرار المجتمعي في مملكتنا الحبيبة البحرين ويضيف قيمة مضافة استباقية على مجتمعات أخرى تتشدق بحقوق المرأة وحرياتها، بوضع النساء في المجتمع، ووضعهن ضمن المنظومة الأسرية العريضة.

لقد جاء المشروع الإصلاحي الكبير لصاحب الجلالة الملك، منذ العام 2001، ليكتب تاريخًا جديدًا للبحرين، ليضع مملكتنا الخالدة في مكانة بعيدة تمامًا عن تلك التي أصبحت عليها العديد من الدول في المنطقة، بل إن هذا المشروع وتشريعاته المتتابعة ومن بينها منع التمييز بين المرأة والرجل في الأجور بمؤسسات القطاع الأهلي إنما جاء ليضع حجر أساس جديد ضمن بنيان مرصوص لتحقيق العدالة، ومنح الحقوق، وسد الثغرات التي يمكن أن يتسلل من خلالها الخبثاء، حيث إن البحرين ضمن دستورها وميثاقها الوطني لا تفرق بين الناس، لا على أساس اللون أو العرق، أو الجنس، أو الدين، إنما هي سياسات متعاقبة تبني على ما فات، وتزيد عليه “طوبة طوبة”، حتى يكتمل البناء المجتمعي للبحرين على أساس متين راسخ، ذلك أن المرأة البحرينية تستحق الكثير فتاريخها المشرف في الكفاح والاجتهاد، ووقوفها على مر السنين منذ عصور الغوص إلى جانب زوجها، ترعى بيتها، تربي أبنائها، وتكد وتكدح من أجل توفير متطلبات الحياة الكريمة لهم.

ويأتي هذا المرسوم السامي من لدن مليكنا الغالي ليضع لبنة جديدة على طريق تقدم وازدهار الوطن، ويحقق أملًا بعيدًا للمرأة والرجل معًا، حيث المساواة في الأجور بين الاثنين دعم لحياة الأسرة البحرينية وتقوية لأواصر المحبة والوئام بين أفرادها، شكرًا لك يا صاحب الجلالة، ألف شكر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية