+A
A-

الحديث للعالم عبر "كاميرة الهاتف"

ساعدت منصات التواصل الاجتماعي الجديدة على تغيير الكثير من المفاهيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية حول العالم، فيكفي اليوم بأن توجه كاميرة هاتفك النقال الى حدث ما، أو تصريح، أو موقف، حتى تنقلب الأمور كلها رأساً على عقب، ولتصبح "ترند" حديث الساعة.

كما أضحى -بالمقابل- عامل شهرة، ومعرفة لدى الناس، فلان هو المصدر، هو الذي أخبرنا بما يحدث، وعليه فلقد أضحى التوثيق بالكاميرا، من الأمور المتفرعة النتائج والأضرار والمنافع، ارتكازاً على من يمسك الهاتف، وماذا يريد أن يفعل، أو ما هي طبيعة الرسالة التي يرغب بتوصيلها.

وعرجاً على ذلك، خرج في البحرين بالأعوام الخمسة الأخيرة، عدد واسع من نشطاء "السوشال ميديا" ليتحدثوا بكل شيء تقريبا، ومكن سقف التعبير المرتفع، للكثيرين منهم يساعدوا لخدمة الصالح العام، بل والدولة نفسها، متى ما كان ذلك بحدود القوانين النظامية المعمول به، والتي تحمي المجتمع، وتحول دون تحوله الى غابة، كلاً يفترس بها الآخر.

وانتهج بعض أصحاب الحسابات الشخصية، من صحفيين، ونشطاء اجتماعيين، ونواب وبلديين سابقين، ومحامين، وغيرهم، هذا النهج، على جوانب عدة، البعض منها لأسباب دعائية، أخرى نفعية، وتجارية، وسياسية، ومنها ما هو موجه بشكل مباشر للصالح العام، وللمواطن تحديداً.

هذه الجرأة، وهذا الوضوح، والحديث الصريح، وضع اليد على موضع الجرح، وبغض النظر عن الأسباب الكامنة خلف ذلك، كما أوجد حالة من الحذر في المجتمع، وإعادة الحسابات والتوازنات لدى الكثيرين.

فوحش "السوشال ميديا" لا يرحم عند وقوع الأخطاء، ولا يذر، خصوصاً مع الأوضاع الاقتصادي الراهنة والتي تسبب بارتفاع مستوى الضغط بشكل سريع عند أي بادرة استفزاز تذكر.

"كاميرا" الهاتف الصغيرة، بعدساتها الثلاثة أو الأربع، أو حتى الواحدة، باتت الفيصل وحجر الزاوية في تغيير الكثير من المفاهيم التي نعيشها اليوم، والهراة التي تضرب بقوة عند وقوع الأخطاء، أو الميكروفون الذي يصدح بصوت الحقيقية.

لكنها وفي المقابل، قد توجه لما هو بخلاف ذلك جملة وتفصيلاً، خصوصا مع تزايد ظاهرة "الرويبضة" والتي مكنت كل من "هب ودب" لأن يكون فهيما وعارفاً بخفايا الأمور وبدهاليز السياسة، وهو لا يقرب ذلك قيد شعره.