+A
A-

مدفع رمضان قبل الإفطار.. مستمر بالرغم من التكنلوجيا

تذكر‭ ‬بعض‭ ‬المصادر‭ ‬أن‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬عصر‭ ‬النفط،‭ ‬وقد‭ ‬انتقلت‭ ‬هذه‭ ‬العادة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬بلدان‭ ‬عربية‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬ويسمى‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬”بالواردة“،‭ ‬ولا‭ ‬نستطيع‭ ‬أبدًا‭ ‬تخيل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بدون‭ ‬مدفع‭ ‬رمضان‭ ‬والطقوس‭ ‬التي‭ ‬تتواكب‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الشعبي،‭ ‬وعندما‭ ‬تسأل‭ ‬أي‭ ‬بحريني‭ ‬أن‭ ‬يصف‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬سيقول‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬مع‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬مثل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬الأساسية‭ ‬والأيقونات،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬يتخيّل‭ ‬بالضبط‭ ‬تاريخ‭ ‬ظهور‭ ‬المدفع‭ ‬بالشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬وإنه‭ ‬مجرد‭ ‬شيء‭ ‬موجود‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬يمكننا‭ ‬تذكره‭.‬

فتاريخيًّا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التكهنات‭ ‬والتعجب،‭ ‬وكان‭ ‬المؤرخون‭ ‬قادرين‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تقدير‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬التقليد،‭ ‬وهناك‭ ‬بالتأكيد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأساطير‭ ‬التي‭ ‬تناضل‭ ‬وتؤكد‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بأصل‭ ‬المدفع‭.‬

‭ ‬منذ‭ ‬الأزل‭ ‬كان‭ ‬يختار‭ ‬لمدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬أعلى‭ ‬نقطة‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬وفي‭ ‬القلاع‭ ‬لضمان‭ ‬رنين‭ ‬الصوت‭ ‬وإعلام‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬وقت‭ ‬الإفطار‭ ‬قد‭ ‬حان،‭ ‬ويتجادل‭ ‬المؤرخون‭ ‬حول‭ ‬التواريخ‭ ‬الدقيقة‭ ‬لبدء‭ ‬إطلاق‭ ‬المدافع،‭ ‬من‭ ‬عصر‭ ‬المماليك‭ (‬1250-1517‭) ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬شيوعًا‭ ‬مع‭ ‬حكم‭ ‬العثمانيين‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مباشرة،‭ ‬لكن‭ ‬الحقائق‭ ‬الأكثر‭ ‬تداولاً‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المماليك‭ ‬ربما‭ ‬استخدموا‭ ‬المدفع،‭ ‬ولكن‭ ‬فقط‭ ‬خلال‭ ‬أيامهم‭ ‬الأخيرة‭ ‬أو‭ ‬أثناء‭ ‬التداخل‭ ‬مع‭ ‬العثمانيين،‭ ‬وتقول‭ ‬إحدى‭ ‬القصص‭ ‬أن‭ ‬حاكمًا‭ ‬مملوكيًّا‭ ‬لمصر‭ ‬أراد‭ ‬اختبار‭ ‬مدفع‭ ‬جديد،‭ ‬وصدف‭ ‬أنه‭ ‬أطلقها‭ ‬بالضبط‭ ‬عند‭ ‬غروب‭ ‬الشمس،‭ ‬لذلك‭ ‬اعتقد‭ ‬الناس‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مدروسًا‭ ‬لإعلامهم‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬للإفطار‭! ‬

وتعود‭ ‬أسطورة‭ ‬حديثة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬أربعة‭ ‬قرون‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬خلال‭ ‬حكم‭ ‬الخديوى‭ ‬إسماعيل،‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬إن‭ ‬جنوده‭ ‬كانوا‭ ‬مشغولين‭ ‬بتنظيف‭ ‬المدافع‭ ‬عندما‭ ‬أطلقوا‭ ‬واحدة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭ ‬لغروب‭ ‬الشمس‭.‬

كان‭ ‬الجنود‭ ‬يستعدون‭ ‬للمعاقبة‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬المدفع‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬كانوا‭ ‬سعداء‭ ‬للغاية‭ ‬بالفكرة‭ ‬الرائعة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬ابنة‭ ‬الحاكم‭ ‬نفسها‭ ‬أصدرت‭ ‬مرسومًا‭ ‬لإعلان‭ ‬المدفع‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الوقت‭ ‬الأصلي‭ ‬للإفطار،‭ ‬وأصبح‭ ‬عنصرًا‭ ‬أساسيًّا‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الاسلامي‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬

واليوم‭ ‬ينافس‭ ‬بقوة‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬التكنلوجيا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحنا‭ ‬نستطيع‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأوقات‭ ‬والتحديثات‭ ‬عبر‭ ‬هواتفنا‭ ‬الذكية،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يوضّح‭ ‬تقديرنا‭ ‬للتراث‭ ‬والثقافة‭ ‬مثل‭ ‬إطلاق‭ ‬المدفع‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثين‭ ‬يومًا‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬أيام‭ ‬رمضان،‭ ‬سنستمر‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬صوت‭ ‬المدفع‭ ‬والذي‭ ‬يرجعنا‭ ‬إلى‭ ‬الأيام‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نذهب‭ ‬لمشاهدة‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الجميل‭ ‬عند‭ ‬غروب‭ ‬الشمس،‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬فرحة‭ ‬الأطفال‭.‬