العدد 4563
الإثنين 12 أبريل 2021
banner
من راقب الناس مات همّا
الإثنين 12 أبريل 2021

صاحب مثل "من راقب الناس مات همًا"، شاعر من العصر العباسي يُدعى "سلم بن عمرو"، وهو مولود في البصرة، وورد المثل في واحد من أبيات شعره، والذي قال فيه: "من راقب الناس مات همًّا وفاز باللذة الجسور"، وهو من الأبيات الشعرية التي عاشت سنين طويلة، وستبقى مع البشر مادامت الحياة الإنسانية البشرية مستمرة، ولا شك أنه من المعيب على الإنسان أن يراقب غيره من الناس من باب الغيرة والحسد، أو الفضول؛ فينظر إلى ما بين أيديهم، ويكشف عيوبهم؛ ذلك أنه يملك الرغبة، والدافع والوقت ليضيعه فيما لا يعنيه، وهناك الكثير من الناس لا ينفكون عن مراقبة الآخرين، لمعرفة حاضرهم ومستقبلهم، رغم ضغوط الحياة التي تزداد يومًا تلو الآخر، ويتفق المختصون على أن هذه الظواهر سلبية للغاية، وتحدّ من إبداع الناس وسيرهم إلى الأمام، وتعدّ من التصرفات البعيدة عن الأخلاق والثقافة والقيم، والغريب أن هناك من يتقن هذا الدور ويتمادى فيه إلى أبعد مما يحق له، ولا شكّ أن الأمثال ما تركت شيئا إلا وأحاطته بالتعبير، ومثلته وصورته أدق التصوير.


في اعتقادي إن الجميع يتفق مع هذا المبدأ وهو أننا في العالم العربي بشكل عام نتفوق على جميع شعوب العالم في هذا الجانب، حيث نحترف ونبدع في هذه العادة السيئة جدًا التي لا تجلب لنا غير التخلف وعدم القدرة على العيش في حياة سعيدة مليئة بالإنجازات والتألق!


لا شك أن غياب الثقافة والتربية الحسنة والجهل أو الشعور بالنقص من أهم أسباب هذا الوباء الفكري! وبودي أن أعطي للقارئ مثالا على ذلك، حيث يقوم بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي بتتبع العديد من الشخصيات بشكل مستمر ولا أبالغ إذا قلت بشكل يومي! ودائمًا ما تكون تعليقاتهم سلبية تجاه تلك الشخصيات، ما يؤكد أنهم يعانون من أمر ما! وبصراحة شديدة شخصياً أشعر بالامتعاض الشديد تجاه هؤلاء الذين همهم الأول والأخير في أجندتهم اليومية تتبع الناس، حيث يشاركونهم هذه التصرفات غير اللائقة التي لا يرضاها ديننا الحنيف! في المقابل لماذا لا يتكلم هؤلاء البشر عن الإيجابيات والمبادرات الكثيرة الرائعة لتلك الشخصيات؟ لماذا يركزون على سلبياتهم البسيطة ويتناسون أو ينكرون مآثرهم؟! أنا لا أعلم ماذا نجني من هذه التعليقات الساخرة تجاه تلك الشخصيات، تعليقات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل في الواقع تسيء إليهم.

أقول لهؤلاء الناس كفاكم هذه الصفات والعادات السيئة الهدامة، وتذكروا أنكم لستم كاملي الأوصاف، فلكم عيوب لا تعد ولا تحصى والكمال لله سبحانه وتعالى، والسؤال الذي يطرح نفسه... هل تقبلون أن يقوم الناس بالتشهير بكم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي! أتمنى من الناس أن يركزوا على ما هو مفيد وإيجابي لهم ولغيرهم ويبتعدوا عن هذه الأفعال غير الحضارية التي لا تمت لنا بصلة.


اللهم اكفنا شر الغيبة وأعنا على تركها يا رحيم، واكفنا شر مجالسها وأبعدنا عنها وعن من يمارسها... اللهم بلغنا شهر رمضان الكريم، ونحن فيه لا فاقدين ولا مفقودين، فنحن لك نعبد ونسجد ونركع وندعوك ونحمدك، فنحن بك آمنا، ونحن لرحمتك نرجوا، فلا تحرمنا رحمتك ومغفرتك يا الله، وكل عام والجميع بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .