+A
A-

إلى المسرحيين في يومهم.. خوضوا الموت بابتسامة المسرح

يحتفل العالم يوم السبت 27 مارس باليوم العالمي للمسرح، المسرح في صورته المبسطة التي عرفها البشرية قبل آلاف السنين، المسرح الذي ثقف وهذب وكافح وساهم بشكل كبير في خلق كيان الممثل من جديد داخل نفسه ثم أعاده إلينا متطورا في الوجدان واليقين.

المسرح يفتح عيوننا على ما يدور على الإنسان من أفراحه ومآسيه وأشواقه وأحلامه، ويلوذ بالحجر ويغني تموجاته وتصبح موضوعا فنيا أصيلا عندما ينفث فيها من بعض ما يحتجزه قلبه، بعض ما يحبه ويغنيه. المسرح ليس مكانا للهو والعبث وإنما حياة وأداة توجيه ويحمل رسالة إنسانية عظيمة.

المسرح ليس بقبس عابر، وليس بومضة سريعة خاطفة، بل هو الوجود نفسه، نورا ثابتا قابلا للاستمرار والبقاء وكما قال "شين اوكازي" الذي استطاع أن يخرج بعبقريته وحسن تعبيره وصدق معالجته للحوادث إلى النطاق الإنساني العالمي الواسع، ان المسرح بيت الحب والأمل والكبرياء والهمة والشجاعة والطموح والشرف والكرامة والفتوة والفخر والبطولة والتشبث بالحياة.

ومن قال انه يتعذر امتلاك العالم كله.. العالم مختزل كله في المسرح وأشجاره التي تطرح 4 مواسم مختلفة في عام واحد، المسرح هو الشجرة العجيبة التي تغذي الإنسان بثمارها وتجعله يمتلك كل شيء. المسرح هو الدواء الشافي الذي نقترحه للعالم، هذا العالم الذي تمزقه الصراعات والحروب ويحتاج إلى حوار داخلي للتخلص من معاناته وقلقه.

المسرح نشاط ابداعي يعبر عن قدرة الروح على تسجيل نفسها في النبع الخير المتناسق المنتظم المنسجم، القادر على إعطاء التطهير الحقيقي، وبعنصر شعري وغناء آسر وبأنفاس حارة لاهبة. المسرح يهبنا قدرا لا يبارى من اليقظة والانتباه وعضوية الحياة وحيويتها.. يخلق التفاصيل من حولنا ويعمد إلى جو تتسرب فيه إلينا إيحاءاته.

عرفنا عظمة "بريخت" وروعة "شكسبير" وأضواء "ستانسلافسكي" وثورة "بيتر بروك" وجمالية "اندريه أنطوان" ومشاكسات "هنريك ابسن"، وعربيا سمعنا لحن صفارة "سعد الله ونوس" وفلسفة "توفيق الحكيم"، وتمرد وتحدي "عبدالله السعداوي" وصدمات "جواد الأسدي" والتجانس عند "فاضل الجعايبي".

المسرح هو الذي يظهر الحقيقة. في كل مرة يظهرها يبدأ التاريخ أو يعود فيبدأ من جديد. والمسرح بذلك تاريخي، انه إبداع الحقيقة في العمل والمحافظة عليها.. هو تاريخي لا بالمعنى الخارجي للتاريخ من تغير وتبدل الزمان، بل بالمعنى الأصيل الخلاق من إظهار الحقيقة.

وينظر "بيتر بروك "إلى المسرح كما لو كان معملا يشكل فيه المشاهد جزءا من التجربة. فيقول "طقوس مسرحي التجريبي في خدمة معتقدات الأغلبية، أعمالي التجريبية المسرحية أشبه ما تكون بموسيقى شعبية تنفذ إلى المجاميع في يسر وسهولة. فلسفتي أن نبتعد عن التعقيد.

البساطة هي التي تجتذب الجمهور ولكي نصل إلى الجمهور لابد أن نتقمص أسلوبه. إنني ابحث عن شكل ولغة المسرح، لغة يمكن أن يفهمها أي شخص مهما كانت جنسيته أو خلفيته الثقافية.

ومن الضروري الاتصال بأنماط مختلفة من المشاهدين، مسرحنا لا يقتصر على فئة معينة بل إلى كل المسرحين في العالم في عيدهم السنوي، خوضوا الموت بابتسامة المسرح طالما اليأس الخالد يرصدكم حيث تسيرون.. وأنا معكم بقلمي وقلبي الذي يأمل حبا آخر.