رواد الأعمال هم بالحقيقة من يحتاجهم أي اقتصاد متقدم أو يطمح للتقدم كمكون أول وحجر أساس تقوم عليه كامل المنظومة الاقتصادية بشقيها الخاص وحتى العام، ومن خلال الملاحظة البحتة والتأمل، يمكننا القول إن عالم ريادة الأعمال ينقسم إلى مكونين أساسيين يحددان طريقة عمل وأسلوب تفكير رواد الأعمال ودوافعهم.

المكون الأول.. أولئك الأشخاص ذوو المواهب الفطرية أو المكتسبة ممن يتميزون بنزعات إبداعية وفكر خلاق في مجالات مختلفة تتجاوز حدود المألوف والأمان بالنسبة لمعظم الناس، فهم حالمون بتحقيق خيالاتهم وأفكارهم بالدرجة الأولى، وهذا ما يهبهم الدافع الأكبر والعزيمة التي لا تعرف الكلل أو الملل في تحقيق أهدافهم، ثم بعد ذلك يأتي كل شيء آخر بالنسبة لهم، سواءً كان المال أو الشهرة.. إلخ.

أمثال هؤلاء "الحالمين"، هم من يخترع، ويكتشف، ويطور، ويرسم، ويؤلف، ويلحن، وما ذلك إلا لأنهم يرون العالم بمنظار مختلف عن بقية الناس، فهم يرونه عالماً خصبا يتلهف ليكون أكثر كمالاً وجمالاً بما يمكنهم أن يضيفوه إليه، رواد أعمال مثل توماس أديسون مؤسس شركة "جنرال إلكتريك" وستيف جوبز مؤسس شركة "أبل" وإلون ماسك مؤسس شركات "تسلا" و"سبيس إكس" وغيرهم كثر ممن أثروا البشرية باختراعاتهم وإنجازاتهم ولم يكن المال الدافع الرئيس بالنسبة لهم بالرغم من تصدرهم قوائم أثرياء العالم بقدر ما كان الشغف والحلم بتحقيق الخيالات الجامحة لذلك الطفل الذي مازال يعيش في وجدانهم ولا ينضب معين إبداعه.

المكون الثاني.. كل من لا ينتمي للمكون الأول ويشكلون الغالبية العظمى من الناس. رائد الأعمال هنا لا يملك أية اهتمامات محددة بالضرورة في أي مجال ولا تعنيه طبيعة الشيء الذي يمارسه بقدر اهتمامه بالمردود الاقتصادي له، على عكس المكون الأول من الحالمين، هؤلاء هم الحاصدون ويُعرِّفون النجاح في الحياة بالقدرة على جني الأرباح والأموال بغض النظر عما إذا كنت تحب ما تعمله أو تبغضه طالما أنه يحقق لك النجاح بحسب تعريفهم له.

الموهبة والسعادة الحقيقية لدى هذه النوعية من رواد الأعمال هي في تسخير قدراتهم الكبيرة لحصد أكبر النتائج والأرباح عن طريق الاستغلال الأمثل والأكثر أماناً للمنظومة الاقتصادية القائمة بأي شكل كانت وتوظيفها لتحقيق أهدافهم من خلال تنفيذ الأعمال وخلق الكيانات الإنتاجية. أمثال هؤلاء هم المصرفيون ورواد الاستثمار والسواد الأعظم من الناس ممن يعملون بوظائف لا تحقق لهم أي مردود سوى كسب المال من خلال ما يتقاضونه من رواتب.

للمكونين أهمية، ولدى كل منهما إيجابياته وسلبياته ونقاط قوة وضعف، وهذا ما سنواصل التعرض له في مقالاتنا القادمة بإذن الله.