+A
A-

لإنشاء مجمع وطني... ولا برنامج للدكتوراه بجامعة البحرين

- لا نهضة لأمة إلا بجعل لغتها لغة للعلم والمعرفة

- “العربية” عصية على الاندثار والمؤسسات التعليمية دون الطموح

- الاحتفاء بيوم اللغة مصباح يضيء مكانتها للعالم

- اللغة العربية لغة حضارة إسلامية امتدت لقرون

أكد رئيس مركز اللغة العربية والدراسات الشرق أوسطية في الجامعة الاهلية علي فرحان أن اللغة العربية عصية على الاندثار، إلا أن دور المؤسسات التعليمية في مملكة البحرين ما زالت دون مستوى الطموح.


 وقال في حديثه مع “البلاد” بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الموافق 18 ديسمبر من كل عام، إن هذه المناسبة بمثابة مصباح يضيء إلى العالم مكانة هذه اللغة، وينبّه أبناءها بمسؤوليتهم في إعادتها إلى الواجهة، والاعتزاز بها كمكون رئيسي من مكونات تراثهم وثقافتهم وكيانهم ووجودهم.


 ولفت إلى أن التأثير والتأثر باللغات الأجنبية قضية موجودة في كل الحاضرات والأمم، ويصبح الأمر مضرًّا وخطرًا حينما تنهار اللغة أمام تأثيرات اللغات الأخرى.


مبادرة مهمة
ما أهمية تخصيص يوم عالمي للغة العربية؟
- إن تخصيص يوم للاحتفاء باللغة العربية يعد بادرة مهمة من عدة جوانب.


هذا اليوم من شأنه أن يلفت الانتباه إلى أهمية هذه اللغة باعتبارها إحدى اللغات الخمس المعترف بها في الأمم المتحدة.


إن الاحتفاء باللغة العربية يعكس الامتداد الحضاري لهذه اللغة في عمق التاريخ الإنساني، ليس لكونها تمثل لغة تواصل بين متحدثيها، وإنما لكونها لغة حضارة إسلامية امتدت لقرون وتكونت من ألسن كان لزامًا عليهم تعلم لغة الحضارة ويتشربوا بها ليكونوا ضمن هذا البناء الحضاري.


الكثير من العلماء لم يكونوا عربًا وإنما جاؤوا لشبه الجزيرة العربية وتعلموا هذا اللسان وأبدعوا فيه، والعالم سيبويه يأتي على رأس القائمة.


إن الاحتفاء بهذا اليوم يعد تعزيزًا لمكانة اللغة باعتبارهها مكونا رئيسيا وهوية رئيسية للإنسان العربي والمسلم عمومًا، لأنها لغة القرآن الكريم، ولغة الثقافة والتراث العربي، إضافة إلى كونها لغة المعرفة عند العرب.


هذه المناسبة بمثابة مصباح يضيء إلى العالم مكانة هذه اللغة، وينبّه أبناء اللغة العربية إلى أن هذه اللغة ينبغي أن تعود إلى الواجهة، وأن عليهم الاعتزاز بها لأنها مكون من مكونات تراثهم وثقافتهم وكيانهم ووجودهم.


لغة القرآن
ما أبرز الدعامات التي تستند عليها اللغة العربية وتستمد منها قوتها وتضمن بها بقاءها في الوقت الراهن؟

- اللغة العربية الفصحى هي اللسان الذي ممكن أن يفهم به العرب بعضهم بعضًا، فضلاً عن غير العرب الذين هم بحاجة للغة مشتركة واحدة يتعلمونها ليتمكنوا من التواصل مع متحدثي هذه اللغة.


 ثق أن اللغة العربية لسيت قابلة للاندثار لأسباب كثيرة، على رأسها أنها لغة القرآن الكريم الذي ضمن الله سبحانه وتعالى حفظه، كما أن اللغة العربية رغم فقدانها موقعها في العديد من البلدان العربية، إلى أن بقاء كونها اللغة الرسمية لهذه البلدان فهو يعد ضمانة قوية لاستمرارها ووصولها وامتدادها، وهذا الأمر لا تضمنه دساتير الدول العربية فقط، بل هو موثق في جامعة الدول العربية أيضًا.


إضافة إلى ذلك، فإن مجامع اللغة العربية التي ما فتأت تبحث في شؤون اللغة وتجدد اصطلاحاتها، تمثل دعامة قوية لاستمرارها.


والدعامة الأخرى تمثل مسؤولية كبيرة على عاتق الأمة العربية، بأن تعود اللغة العربية لغة للعلم، فلا نهضة لأمة إلا بجعل لغتها هي لغة العلم والمعرفة، وهو ما حصل لدى العديد من البلدان التي عملت على ترجمة العلوم وتطويرها فأمكنهم ذلك من الإمساك بعنصر مهم من عناصر النهضة.


قصور وتقصير
كيف تقيم دور المؤسسات التعليمية في غرس حب اللغة العربية في وجدان الأجيال؟

- هناك قصور وتقصير كبيرين على مستوى الوطن العربي، ففي البحرين على سبيل المثال لا يوجد قسم للغة العربية يدرس اللغة العربية ويخرج طلبة متخصصين في علوم اللغة سوى في جامعة البحرين، فاللغة العربية في الجامعات الأخرى لا تتعدى كونها وحدات مساندة للأقسام الأخرى.


كما أن جامعة البحرين التي تعد الجامعة الوحيدة التي تخرج دارسين للغة العربية ليس لديها حتى اليوم برنامج للدكتوراه في اللغة العربية، فأعلى درجة علمية تمنحها الجامعة حاليًّا هي درجة الماجستير.


أهمية التركيز على الجانب الأكاديمي، تكمن في كون أن التقدم في أي مجال لا يكون إلا من خلال البحث العلمي، والجامعات ينبغي أن تكون المنارات الرئيسية للغة العربية.


إضافة إلى ذلك، ما زالت البحرين تفتقر لوجود مجمع للغة العربية، وسبق أن بذل عدد من الناشطين مساعي لإنشاء هذا المجمع، إلا أن جهودهم لم يكتب لها النجاح، إذ لم تحصل على الدعم الكافي لها.


المؤسسات التعليمية بإمكانها المساهمة الفعالة في تحقيق هذه الأهداف، وهنا أود أن أنوّه بالخطوة التي قامت بها الجامعة الأهلية في تأسيس مركز للغة العربية والدراسات الشرق أوسطية، وهو مركز طموح نعلق عليه الكثير من الآمال، لتقديم مبادرات مثمرة في هذا المجال.


اللغة واللهجة
ما طبيعة العلاقة بين اللهجة العامية واللغة الفصحى، وهل يمكن أن تمثل تحدياً لها؟

- اللهجات موجودة في كل الأزمنة والأعصر، والقرآن الكريم يعبر عن النظام اللغوي باللسان، فيما يطلق على اللهجات باللغة كلغة قريش وغيرها من القبائل العربية.


واختلاف اللهجات أمر طبيعي يتعلق بخصوصيات كل مجتمع وبيئة، إلا أنها جميعًا تخضع لنظام لغة رئيسي وهو اللسان، فما لم تتحول اللهجة مسخًا عن اللغة العربية وتخرج عن إطارها فلا مشكلة في تعددها.


إن التأثير والتأثر باللغات الأجنبية قضية موجودة في كل الحاضرات والأمم، ويصبح الأمر مشكل حينما تنهار اللغة أمام تأثيرات اللغة الأخرى، وهو ما لم يتحقق لحد الآن، وهنا يأتي كذلك دور المؤسسة الرسمية في حفظ هذه اللغة وجعلها المرتكز.


تجارب جيدة
ما السبيل لتحويل الاهتمام باللغة العربية من الطابع النخبوي إلى عموم الجماهير، ودعم حضورها في أوساطهم بما يضمن بقاءها لغة حية بينهم؟

- السبيل إلى ذلك يكون عبر تكثيف إقامة الفعاليات والملتقيات الأدبية والثقافية المتعلقة باللغة العربية وربط الجماهير بها، إلى جانب استثمار وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لإشاعة الثقافة اللغوية في الأوساط العامة.


وهناك بعض التجارب الجيدة في الوطن العربي من إقامة الملتقيات والمسابقات وإنتاج وطباعة الأعمال الأدبية بما يضمن وصولها لأكبر شريحة من الجماهير.