رواية المجد
قصيدةٌ مرفوعة إلى مقام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في عزاء فقيد الوطن الكبير (طيب الله ثراه)
تمثل المجد يوم الفقد أكفانا
لما نزلت ثرى البحرين جثمانا
ساد البلاد وجوم يوم أن سمعت
ناعيك يعلن أن العزَّ قد بانا
يا ثقله خبرًا لما أتى وسرى
غطى الجزيرة أوجاعًا وأحزانا
تناقلته عيون في مدامعها
فالدمع أصدق عند الفقد تبيانا
والصمت أبلغ ما تحكيه ألسنةٌ
فالقلب يصبح عند الروع ذهلانا
خليفة وتمر الذكريات بنا
جودًا وعطفًا وتفريجًا وإحسانا
وهمةٌ في بناء الأرض ما وهنت
فكل صعب إذا ما رامه هانا
حتى إذا بلغت بحرينه أملًا
وذكرها صار للتاريخ عنوانا
ترجل الفارس المقدام واكتملت
رواية المجد والتوديع غشّانا
جئنا نعزي أعز الناس سلطانا
وأمنع الخلق أبناءً وجيرانا
جئنا نعزيه في عمِّ الفخار ومن
قامت به الأرض إعمارًا وبنيانا
جئنا نعزيه لكن فاقنا شرفًا
لأنه بابنه سلمان عزانا
فكان خير خليف للخليفة بل
إنّا نراه به عقلا وميزانا
بحريننا لا يرعك الخطب إن لك
قلبًا إذا أبصر الأهوال ما لانا
تزيده نكبات الدهر معرفة
والنازلات التي تشتد إيمانا
أنعم به ملكًا فاضت مكارمه
يرى الفضائل للحكام تيجانا
نامي قريرة عين ما بقى حمد
في الليل يا أعين البحرين سهرانا
سفينة في خليج المجد مبحرة
لا ترتضي غيره في اللج ربانا
أهداك خير دليل للعلا فلقد
أهداك كي تبلغ العلياء سلمانا
روح الشباب وعزم لا يرى كللا
تجارب أثمرت علمًا ورجحانا
يشارك الناس في أفهامهم فترى
أفعاله جمعت خلقًا وأذهانا
فسدد الله دربًا أنت سالكه
ونحن إثرك نمضي حيث ما كانا
وبيرق المجد في كفيك منتصرٌ
مادام ينبض أعرافًا وقرآنا
ويُكمل الفخر للبحرين قصتها
دينًا وعلمًا وأخلاقًا وعمرانا
حضارةٌ في جبين الأرض زاهرةٌ
تهدي لمن يطلب العلياء برهانا
أبا علي ستبقى في المدى رجلاً
قد علّم المجد أجيالاً وأوطانا
وسابق العزم حتى بزّه زمنًا
لذا ستخلد أحقابًا وأزمانا
أبا علي فخذ عهد الوفاء بأن
يبقى على نهجك الوضاء مسرانا
سجية طالما رويتها قيمًا
فألهمتنا وصارت من سجايانا
من (الإخاء) ابتدت بالأمس رحلتها
(خليفة) مع (عيسى) كان مبدانا
وعلمونا بأن الناس كلهم
يحيون في كنف البحرين إخوانا
سارا وسرنا وكان العزُّ يرقبنا
ونحن نرقبه قد خفَّ نشوانا
لم ننسَ ما سطرا للأرض واجتهدا
أن يبلغ الناس أحلامًا ورضوانا
وهذه الأرض لم تنكر مكارمها
فإنها جبلت شكرًا وعرفانا
فيا غوادي السما جودي لقبرهما
وأمطري غيثكِ حبًّا وغفرانا