+A
A-

ماذا يعني إعلان السيسي استعداد مصر لدعم القبائل الليبية؟

حظي إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باستعداد بلاده لمساعدة القبائل الليبية للدفاع عن بلادها، بترحيب شعبي كبير، وسط إجماع خبراء ومراقبين على أهمية تلك الخطوة على طريق وضع حد لـ "التغوّل التركي"، ووقف أعمال الميلشيات الإرهابية والمرتزقة الداعمين لحكومة فايز السراج.

وخلال كلمة ألقاها، السبت، في قاعدة جوية قرب حدود مصر الغربية التي يبلغ طولها نحو 1200 كيلومتر مع ليبيا، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: "نحن مستعدون لتدريب شباب القبائل وتجهيزهم وتسليحهم تحت إشراف زعماء القبائل"، مؤكدا أن "مصلحة مصر الوحيدة في ليبيا أن تكون مستقرة وآمنة".

وجاء تصريح السيسي بعد أن قال ممثل القبائل الليبية، العمدة منصور بسيسي: "دولة ليبيا ذات سيادة ولا يحق لأي دولة في العالم العبث بأراضيها وسيادتها وحدودها وثرواتها"، مضيفا: "السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس مصر قلب العروبة النابض، باسم القبائل الليبية الشريفة نطالبكم بقوة لحماية ليبيا والحفاظ على سيادتها وثرواتها لصالح أبناء الشعب الليبي، وعاشت مصر قلب العروبة النابض، تحيا مصر وليبيا".

كما ناشد بسيسي الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومؤسسات المجتمع المدني، بالوقوف مع الشعب الليبي ضد المعتدين على أراضيه.

وتقدم بخالص الشكر لما قام به السيسي في مبادرة إعلان القاهرة للحفاظ على أمن ووحدة واستقرار ليبيا، والبرلمان العربي والمصري على جهودهم المبذولة تجاه ليبيا.

وقوبل بيان الرئيس المصري بتأييد شعبي ليبي كبير، حيث خرج أهالي عدد من المدن الليبية حاملين أعلام مصر وليبيا منددين بالغزو التركي ومؤيدين للخطوة المصرية.

وقال أهالي طبرق في بيان: "نتقدم نحن مؤسسات المجتمع المدني وحكماء وأعيان ومشايخ ومواطنين مدينة طبرق ودار السلام ليبيا بتأييد كلمة الرئيس السيسي للوقوف بجانب ليبيا والشعب الليبي ضد الغزو والعدوان التركي والمليشيات السورية المسلحة".

ووجهوا في البيان الشكر لمصر حكومة وشعبا وقيادة، مؤكدين أن "هذا ليس بغريب على الشقيقة مصر التي حماها الله وحفظها".

واختتموا البيان بالقول: "المجد والخلود للشهداء، مرددين تحيا مصر تحيا مصر يحيا السيسي".

كذلك أعلن مجلس مشايخ ترهونة الليبي تأييده المطلق لما جاء في خطاب السيسي بشأن ليبيا، وطالب المجلس في بيان له، بضرورة البدء الفوري في تطبيق ما ورد بالخطاب، مشددا على أن تدخل مصر في الشأن الليبي هو حق مشروع بموجب معاهدة الدفاع العربي المشترك.

وحول أهمية إعلان السيسي بدعم القبائل الليبية، أوضح الدكتور جبريل العبيدي، الكاتب والأكاديمي الليبي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن دعوة الرئيس المصري لتدريب القبائل الليبية مشروع وقانوني كونه جاء بطلب منها أمام الاحتلال التركي.

وأشار العبيدي إلى أن التزام مصر بدعم استقرار ليبيا والحفاظ على وحدة أرضها هو الدافع الرئيسي وراء إعلان السيسي، كما أن ذلك يندرج ضمن إطار اتفاقية الدفاع العربي المشترك.

وأضاف الأكاديمي الليبي قائلا: "يتقاطع الأمن القومي الليبي مع المصري، وخطاب السيسي يحمل دلالات واضحة تؤكد أن الشرعية في ليبيا هي للبرلمان المنتخب والقبائل التي تعد المكوّن الرئيسي للشعب الليبي، وليست للمدعومين من تركيا والميليشيات الإرهابية التي تحاول زعزعة الأمن القومي العربي".

وتابع: "خطاب السيسي رسالة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن ليبيا بلد عربي جار لمصر، ولن يترك كي يعبث بأمنه وثرواته من خلال حفنة من العملاء".

وبدوره اعتبر منير أديب، الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن طلب القبائل الليبية بالحماية من مصر يعكس العلاقات الراسخة بين البلدين، ودور مصر المحوري في الملف الليبي، والثقة الموجودة لدى هذه القبائل بالقاهرة في إيجاد حل يرضيها بعيدا عن التدخلات التركية ونوايا نظام أردوغان الخبيثة غير المرحب بها.

دلالات وتداعيات دعوة القبائل

ويجمع الخبراء والمراقبون على أن دعوة القبائل الليبية لمصر لتحمي البلاد وتحافظ على سيادتها وثرواتها من الأطماع التركية، جاء في توقيت له دلالات سياسية مهمة.

وفي هذا السياق، قال مدير تحرير صحيفة "المصري اليوم" عمر حسانين لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن حديث السيسي عن دعم القبائل سيمثل ضغطا على حكومة فايز السراج، وذلك لكون فئة بالغة الأهمية في المجتمع الليبي تطالب بتدخل مصري.

وبيّن حسانين قائلا: "سيكون لتدريب القبائل أثر بالغ، ويعدّل من الأوضاع على الأرض، ويضع حدا للتواجد الأجنبي على الأراضي الليبية".

أما الخبير في الشؤون التركية بمركز الأهرام كريم سعيد، فيرى أن مطالبة القبائل لمصر بدعمها للحفاظ على السيادة الليبية يعبّر عن المأزق الذي تعيشه حكومة السراج والتي تروّج بأن التواجد التركي على الأراضي الليبية جاء بطلب من الشعب، في حين أن أهم مكوّن في المجتمع الليبي اختار وضع حد لتدخلات أنقرة وتمتين العلاقات مع القاهرة.

ومن جانبه، عبّر الباحث السياسي والاستراتيجي خالد ترجمان في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن تفاؤله بالدور المؤثر الذي ستلعبه القبائل في المرحلة القادمة بمسيرة النضال ضد المستعمر التركي والمرتزقة، لافتا إلى أن نجاح القبائل في المعركة سيحول دون الاستيلاء على مقدرات البلاد وثرواتها، وانسحاب القوات الدخيلة، ووضع نهاية لأحلام أردوغان والميليشيات المتواطئة معه.

وأوضح ترجمان أن شرعية تدخل مصر في ليبيا ستكون نابعة من امتداد تاريخي أصيل وعمق أمني متبادل، فمصر ستظل المحافظة على بوابة ليبيا الشرقية، في حين أن الأخيرة ستحرس بوابة مصر الغربية.

واختمم ترجمان حديثه بالقول إن مصر تمثل المنظومة المحبة للسلام والداعية للتوافق بين الليبيين وإيقاف الاقتتال، وتفكيك الميليشيات، معتبرا أن ما قاله الرئيس السيسي رسالة لتركيا بأن ليبيا ليست وحدها.