العدد 4212
الأحد 26 أبريل 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
الحجاب في يوم القراءة العالمي!
الأحد 26 أبريل 2020

صباح يوم الثالث والعشرين من أبريل فاجأني أحد الأصدقاء بتحية صباحية غير معتادة عنوانها صباح القراءة... تذكرتُ هذا اليوم وتساءلتُ في داخلي لماذا نسيت هذا التاريخ هذه المرة؟ وبالعودة لذاكرتي السنوية، كنت لا أترك هذه المناسبة دون إشارة إليها بمقالٍ أو تغريدة أو إشارة، وحين عدتُ للوراء بحثًا عن سبب النسيان اكتشفت أن وراء هذه الهفوة دافعا رئيسيا سببه الكورونا، رغم أنني لم أتوقف ساعة عن القراءة، لكن ضغط الأصوات التي تضج أغلبها بالاختناق من البيت والأصوات السلبية التي تجعل من الحجر المنزلي سجنا أعاد للذهن أن القراءة والكتابة والرياضة والتفكير والتأمل جميعها مكونات لا تشكل حيزا في وعي الإنسان العربي الذي اعتاد العيش في ضوضاء وصخب وزحمة، فهناك فئة كبيرة جدًا من سكان الخريطة الجغرافية العربية لا تعيش ضمن قيم التفكير والقراءة والتأمل، بل مجمل حياتها الكلام والكلام والنوم والأكل وهذا هو السر في تبرم هذه الفئة من الحجر المنزلي في هذا العصر الذي يشهد فيه العالم تغييرًا غير مسبوق.

واقعنا السياسي والثقافي والإعلامي اليوم أشبه بقارة جغرافية غير مستكشفة ما قبل التاريخ، عالمنا العربي تخطى التخوم المعقولة التي تسمح بتقبل ما نحن عليه، حجم التخلف بلغ مداه، الخرافة هي العقيدة السائدة. تم الاستغناء عن العقل وحلّ مكانهُ قطيع يتغذى وجبات سياسية وثقافية وإعلامية مسممة ويمضي يلتهمها ثم ينتفخ ويهترئ فيما العالم من حولنا قطع أشواطاً في المعرفة أساسها العقل والأفكار التي تبني عبر الانشغال بالثقافات والمعارف، وهذا ما رأيناه مؤخرًا لدى كثير من شعوب الأرض التي استغلت المحنة الدولية ووظفت المعرفة والعلوم والكتاب والموسيقى والتأمل والرياضة في تعويض حياة الضوضاء والصخب والزحام التي عشناها عقودا دون أن نلتقط أنفاسنا، فمازلنا نحرق كتب جبران خليل جبران في بعض الدول رغم أن جبران ليس هو نتشه ولا سارتر في وقت أصبح فيه سارتر ونتشه جزءا من مقرر مدرسي يُدرس في مدارس ثانوية وحتى إعدادية بالعالم المعاصر، لهذا السبب شعر البعض منا والغالبية بالاختناق في المنزل لأنه لم يعتد القراءة والتفكير والتأمل والرياضة وشغل ساعات اليوم بالعمل المنزلي الذي فوجئ العالم بجدواه ومن المحتمل بعد هذه الأزمة أن تتغير خريطة العالم ثقافيًا ومعرفيًا وبالطبع سياسيًا.

منذ سنوات كتبت أقول إن التخلف في القارة الجغرافية العربية بلغ مداه، أما اليوم فقد تعدى مداه ويكاد يبلغ نقطة الانقراض، أرى أمامي الآن في الشوارع العربية لوحات عملاقة على الطرق بصور نساء محجبات وقد كتبت بعبارة مثل حجابكِ تحرركِ! يا للهول! تحرركِ من ماذا سيدتي المرأة العربية؟ ماذا عن غير المحجبات... ألسن متحررات؟!

تذكرت يوم القراءة العالمي وقلتُ في خلدي... على دنيا الثقافة السلام في عالمنا العربي.

 

تنويرة:

المنزل الذي يخلو من مكتبة غابة بلا أشجار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .