العدد 4203
الجمعة 17 أبريل 2020
banner
“الأنا” في الأدب... اتخاذ موقف ذاتي من الحياة
الجمعة 17 أبريل 2020

معظم الأدباء والمفكرين الذين تركوا لنا تراثا إنسانيا غنيا في اللغتين العربية والإنجليزية في الشعر وأدب الرحلات وأدب السيرة ودراسات عدة في فنون مختلفة كالرقص والنحت والرسم والنقد والموسيقى، مروا بتجارب وخبرات مريرة انعكست على أعمالهم ونتاجهم، فحين ضاق صدرهم لم يجدوا مخرجا للتخفيف عن شعورهم سوى الاعتراف، ومن أمثلة الأدب الغربي اعترافات جان جاك روسو وأندريه جيد، والأخير كشف ضربا مستورا من الانفصام، وهناك أيضا اعترافات القديس أوغسطين، وترجمة “سلليني” الفنان الإيطالي والعالم كاردانا، وكذلك الأديب الروسي ديستوفيسكي الذي نقل معاناته وحياة البؤس التي عاشها في معظم روايته مثل “مذكرات من العالم السفلي” و”ذكريات من بيت الموتى” حيث فصل ديستوفيسكي في هذا الكتاب عذاب السجن.

وفي الأدب العربي فإننا لا نعثر على تراجم ذاتية مفردة تصور اضطهاد المجتمع لصاحبها اللهم إلا ما كتبه “أبوحيان التوحيدي” عن وقوفه في وجه أصحاب النفوذ الذين خاب رجاؤه بهم، ولم يلق منهم إنصافا وحسن تقدير، فسخط عليهم ولون انفعاله الثائر نظراته إلى مجتمعه وناسه وعصره، وهناك مجموعة من الكتاب يسجلون كل ما أثر في تكوينهم العقلي أو تطورهم الفكري والآثار العلمية التي أسهموا بها في المجال الثقافي، ومن أكثر التراجم الذاتية الفكرية ذيوعا في الأدب العربي، البيروني، والرازي، وابن الهيثم، وابن حجر، والسخاوي والسيوطي.

وسواء كانت ذكريات الإنسان الخاصة تحمل نفعا للآخرين أم لا يعدو كونها مجرد الحنين إلى الماضي، فإن الكثيرين ينقلون لنا حياتهم في صورة أدبية، حتى والدنا الأديب الراحل محمد الماجد كتب عنه الناقد الدكتور إبراهيم غلوم في كتاب “رومانسية السخط... دراسات في القصة القصيرة عند محمد الماجد”، أن محمد الماجد يكاد يكون القاص الوحيد في تاريخ التجربة القصصية في البحرين والخليج العربي الذي جعل من الذات المباشرة محورا حول مجمل العناصر المكونة للشكل القصصي. إنها الرغبة في اتخاذ موقف ذاتي من الحياة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .