+A
A-

دراسة حديثة تكشف النقاب عن أضرار التعرض المفرط للفلورايد على مينا الأسنان

كشفت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين من جامعة نيويورك أبوظبي وكلية جامعة نيويورك لطب الأسنان عن تفسير جديد يقف خلف حالات تسمم الأسنان بالفلور، وهي حالة تظهر فيها نقاط بيضاء على الأسنان وتنجم عن التعرض المفرط للفلورايد أثناء الطفولة، حيث بينت الدراسة أن تعريض الأسنان لنسب عالية من الفلورايد يحدث تغييراً في عملية تأشير الكالسيوم، ووظيفة الميتوكوندريا، والتمثيل الجيني في الخلايا التي تشكل مينا الأسنان.

قاد الدراسة، التي نُشرت في  "ساينس سيغنلينغ" وهي دورية علمية تنشرها الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، الأستاذ المشارك في العلوم الأساسية  في كلية جامعة نيويورك لطب الأسنان، رودريغو لاكروز، بالتعاون مع مجموعة من الباحثين، منهم يوسف إدغضور، الأستاذ المساعد في علم الأحياء في جامعة نيويورك، و فينو مانيكاندان، خبير المعلوماتية الحيوية في جامعة نيويورك أبوظبي، والطالبة آريا شالومتوويم من جامعة نيويورك أبوظبي وغيرهم.

وحلل الباحثون من خلال هذه الدراسة، آثار تعرض خلايا مينا الأسنان لمستويات عالية من الفلورايد، بهدف دراسة القواعد الجزيئية لحالات تسمم الأسنان بالفلور، ثم قاموا بتقييم تأثير الفلورايد على عملية تأشير الكالسيوم داخل الخلايا نظرًا لدور الكالسيوم في تمعدن مينا الأسنان.

ووجد الباحثون أن تعريض خلايا مينا أسنان القوارض إلى الفلوريد أدى إلى حدوث خلل في تنظيم الكالسيوم، مع انخفاض في دخوله وتخزينه في الشبكة الإندوبلازمية، وهي عبارة عن حجرة توجد داخل الخلايا ولها وظائف متعددة منها تخزين الكالسيوم. كما عمل الفلورايد على تعطيل وظيفة الميتوكوندريا (مولدات الطاقة في الخلايا)، الأمر الذي أثر في عملية إنتاج الطاقة. وأخيرًا، كشف تسلسل الحمض النووي الريبوزي ، والذي يظهر الناتج الوظيفي لجينات الخلايا، أنه في خلايا المينا المعرضة للفلوريد، يرتفع تمثيل الترميز الجيني لبروتين الاستجابة للإجهاد في الشبكة الإندوبلازمية، التي تعمل بدورها على ترميز بروتينات الميتوكوندريا التي تشارك في عملية إنتاج طاقة الخلية.

ومن جانبه قال الأستاذ يوسف إدغضور: "أنه وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في مجال تعليم صحة الأسنان في دولة الإمارات، إلا أنه مازالت أمراض الأسنان تشكل مصدر قلق للصحة العامة".

وأضاف إدغضور:"ساهم دمج علم وظائف الأعضاء وعلم الجينات وعلوم الحاسوب في مساعدتنا على تفسير التغير الكبير الذي يحدثه الفلورايد في وظيفة خلايا المينا وبناء الأسنان، حيث تعمل الطالبة آريا شالومتوويم، التي شاركت في التحليل الحسابي للبيانات، على متابعة العمل حاليًا لفهم تأثير الفلورايد على أنواع أخرى من الخلايا".

وأوضح إدغضور أن الدراسة التي قاموا بإجرائها تبرز الضرر الذي يتسبب به التعرض المفرط للفلورايد على الأسنان، خاصة عند الأطفال في سن النمو، مشيراً في نفس الوقت إلى أن الأطفال يجب أن يحصلون على الكمية المناسبة من الفلورايد من خلال معجون الأسنان والماء أو المكملات التي تحتوي على الفلورايد.

وقال الأستاذ رودريغو لاكروز: "إن فوائد الفلورايد لصحة الفم تفوق المخاطر التي يسببها بكثير، إلا أن شيوع الإصابة بتسمم الأسنان بالفلور وعدم فهم الآليات الخلوية المسؤولة عن هذا المرض حتم علينا دراسة هذه المشكلة".

وأضاف رودريغو: "عند قيام خلايا الجسم بتكوين مينا الأسنان الذي يتميز بتكلسه الشديد، فإن هذه الخلايا تتعرض لضغط مستمر في قدرتها على التعامل مع الكالسيوم جراء تعرضها للكثير من الفلورايد، والذي ينعكس على بلورات المينا أثناء تشكلها ويؤثر على عملية تمعدن المينا".

وكرر الباحثون التجربة باستخدام خلايا الكلى البشرية في مراحلها الأولى، لكنهم لم يلاحظوا التأثيرات نفسها عندما تعرضت خلايا الكلى للفلورايد، الأمر الذي يبين أن خلايا المينا تختلف عن الخلايا التي تشكل الأنسجة في أجزاء أخرى من الجسم.

ويشار إلى أن الفلوريد هو معدن طبيعي يساعد على منع التسوس عن طريق تعزيز التمعدن وجعل مينا الأسنان أكثر مقاومة للأحماض. وصنفت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها عملية فلورة المياه كواحدة من أفضل 10 إنجازات تخدم الصحة العامة في القرن العشرين لدورها في الحد من تسوس الأسنان.

وبينما تعمل المستويات المناسبة من الفلورايد على تقوية مينا الأسنان وحمايتها، إلا أن الإفراط في التعرض له يمكن أن يتسبب في تسمم الأسنان بالفلور. ويحدث تسمم الأسنان بالفلور عندما يتعرض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن تسعة أعوام لمستويات عالية من الفلورايد خلال فترة نمو أسنانهم، والذي من الممكن أن يزيد من خطر تسوس الأسنان.