بحكم موقعها الجغرافي والتاريخي والاقتصادي، تعتبر مدينة بازل السويسرية، الواقعة شمال هذا البلد الصغير الذي يتوسط أوروبا، على الحدود مع ألمانيا وفرنسا، أشبه بترمومتر حراري لما يحدث في الفن في العالم الخارجي الواسع، إذ يكفي أن نعرف أنه على الرغم من صغرها، حيث عدد سكانها لا يتجاوز 200 ألف نسمة، يقام بها سنوياً في يونيو من كل عام أكبر وأشهر سوق للفن في العالم «آرت بازل»، ناهيك عن أن بها ثلاثة من أهم متاحف الفن في العالم: متحف الفن، متحف الفن المعاصر، متحف بيالار.

يضم هذا الكتاب، الذي أصدره المجلس الأعلى للثقافة بمصر للفنان يوسف ليمود، وعنوانه "ذاكرة متحف ومدينة مقالات في الفن"، دراسات عن أعمال 12 فناناً عالمياً ممن احتفت بهم المدينة عبر معارض متحفية أقامتها لهم، ومن هذه الأسماء المعماري الإيطالي رينزو بيانو، النحات السويسري جياكوميتي، المصور الفرنسي فرنان ليجيه، الأمريكي جان ميشيل باسكيا، المصور الروسي كاندينسكي وفنان الكولاج الأمريكي جوزيف كورنيل، إلى جانب المرور السريع على أسماء وأعمال أكثر من عشرين فناناً آخرين.

والأسماء المذكورة هنا تبين أن هذا الكتاب يرصد طبيعة الحراك الفني الكبير في هذه المدينة الصغيرة، ولا يستهدف وصفاً لطبيعة الفن السويسري عبر الفنانين المحليين لسبب بسيط، وهو أنه لا يوجد اليوم شيء اسمه الفن السويسري أو الفن الأمريكي أو الألماني، وغير ذلك من تصنيفات ضيقة أذابها الفن المعاصر في بوتقته الكونية التي تجاوزت، بل محت كل هذه الحدود الوهمية.