لدى الكثير هوس متابعة الأبحاث والدراسات المتعلقة بالصحة والتغذية بحثًا عن حياة سليمة ووجبة آمنة وطعام خال من الضرر، إلا أن هؤلاء يجدون مشقة كبيرة في الاستقرار على نموذج للحياة والطعام بسبب التضارب الواضح والشديد بين الدراسات، فما يلبث أن يختار الشخص أسلوبا لمعيشته وفقا لدراسات أعجبته وتوافقت مع رغبته، إلا ويصطدم بعد ذلك بدراسات تحمل معها خلاصات مغايرة.
الخلاف أو التناقض بين الدراسات قد يكون مقبولا طالما بني على أساس علمي وأبحاث جادة ومستفيضة في الموضوع، فهنا قد يعزى لضعف أو قصور اعترى الدراسة السابقة أو لتطور في العلم جعلها في تعداد الماضي الذي يجب تجاوزه، إلا أن الأمر المؤسف في الأمر هو أن يكون الخلاف والتناقض تبعا لأهواء ومصالح أفراد أو جهات معينة تتحكم في العلم وتوجه نتائجه، وكل ذلك على حساب صحتنا وحياتنا.
فقد وجه جون شارب عميد جامعة “تكساس إيه أند أم” الأميركية الكبيرة رسالة إلى لورنس بايكو رئيس جامعة هارفارد العريقة يشكو فيها من تصريحات أساتذة في جامعة هارفارد شككوا من خلالها بصحة دراسة تقلل نتائجها من أخطار اللحوم الحمراء، حيث أكدت الدراسة أن هذه الأخطار ضعيفة لدرجة لا يمكن استخدامها كمبرر للتوصيات الصادرة عن وكالات الصحة العامة بضرورة تقليص استهلاك اللحوم الحمراء والمقددة، واتهم أساتذة هارفارد معدي الدراسة بأنهم لم يكشفوا عن صلاتهم ببرنامج جامعي ممول جزئيًا من مجموعة الضغط الخاصة بقطاع إنتاج لحم البقر.
وقال شارب في رسالته “باستطاعتي أن أؤكد لكم أن دراسة جامعة تكساس إيه أند أم قائمة على أسس علمية بحتة، وأن الباحثين في هارفرد قاموا بأعمال منافية للأخلاق”.
ودون الدخول في تفاصيل أكثر حول هذه القضية وما شهدته من شد وجذب بين الجامعتين الأميركيتين، إلا أنها تؤكد لنا ضرورة أخذ الحيطة والحذر وعدم الانسياق وراء أية دراسة دون تفكير أو دون الرجوع لأهل الاختصاص لتبين حقيقتها ومدى صحة نتائجها حتى لا تضيع صحتنا بين مصالح أشخاص وشركات تلهث وراء مصالحها دون وازع أو رادع.