بعد أن وجدت إيران نفسها مجددًا في دائرة الاتهامات بالضعف، وبعد أن فشلت في لعب دور الضحية بعد مقتل قائدها الإرهابي قاسم سليماني، راحت تمارس هوايتها المفضلة في مثل هذه الأوقات بافتعال أزمات وقضايا ساخنة أخرى علها تثير الاهتمام الإيراني والعالمي وترسل رسائل ملتهبة ومتناقضة كي تثير الحيرة والنقاش لأطول فترة ممكنة، فإذ بالرئيس الإيراني حسن روحاني يقول إن بلاده تقوم الآن بتخصيب اليورانيوم، بكميات أكبر مما كانت عليه قبل توصلها للاتفاق النووي مع القوى العالمية في 2015م، مضيفا: “نخصب يورانيوم أكثر مما كان قبل التوصل للاتفاق... الضغط زاد على إيران لكننا نواصل التقدم”.
هي رسالة إذا من روحاني لشعبه والرأي العام بالخارج بأن بلاده ليست ضعيفة ولم تتأثر بالتطورات التي قد يرونها معكاسة للمصالح الإيرانية، وأن طهران تواصل ملفها الأهم أي البرنامج النووي وكأن أميركا وسياساتها وضغوطاتها لم تفعل شيئًا.
ثم جاء وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف وكأنه يقدم تفسيرا وتبريرا لما صرح به روحاني ويوجه انتقادا لكل من فرنسا، وبريطانيا وألمانيا على قيامها بتفعيل آلية فض النزاع في الاتفاق النووي وهو ما يعني إعادة اعتماد العقوبات الدولية لعام 2015م في غضون شهرين، متهما إياها بالتخلي عن ما تبقى من الاتفاق النووي خوفا من التهديدات الأميركية التي أطلقها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بفرض رسوم ضريبية بنسبة 25 بالمئة على السيارات المستوردة من أوروبا وفقا لما نقلته صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مسؤولين أوروبيين.
ولم يلتفت وزير الخارجية الإيراني إلى ما أعلنه نظيره الفرنسي جان إيف لودريان بأن إيران في ظل هذه الظروف بإمكانها في غضون سنة أو سنتين امتلاك المواد النووية اللازمة لإنتاج أسلحة نووية. ظريف يحاول إلقاء مسؤولية عدم التزام بلاده بالاتفاق النووي على هذه الدول الأوروبية، ونسي أنها دافعت بكل قوة عن هذا الاتفاق وتحاول الحفاظ عليه، ولم ينظر لتفعيل آلية فض النزاع كمحاولة من هذه الدول لإنقاذ الاتفاق من خلال التقيد بما عليها من التزامات دون خروقات تضعف موقفها وحججها في مقابل الموقف الأميركي.