لا أحد يتابع مباراة لأنها مجرد مباراة، حتى وإن تابعها دون انتماء، فإنه سيسأل عن اسم الفريق الذي يرتدي القميص الأبيض أو الأحمر، وقد يكثر من الأسئلة حتى يجد لنفسه رابطا ينحاز به إلى طرف!
هكذا هي طبيعتنا البشرية، حتى الحكم وهو القاضي المحايد يتهم أحيانًا بالمحاباة في فض النزاع، وقد يكون الاتهام محقا، فكيف بالنسبة إلى شخص عادي مثلنا لا يمثل جهة تقيد تحرره وانصياعه للفطرة البشرية المتحيزة؟
وهل يمكننا الاكتفاء بالتفرج والحياد حتى على مباراة تجمع منتخبنا الوطني دون أن نؤازره ونشجعه على اجتياز العقبات والتحديات؟
من الطبيعي أن تكون اهتماماتنا مختلفة، لكن يبقى الوطن مرجعيتنا، والأكيد أننا لن نتبرأ منه عندما لا يروق لنا من يرتدي قميصه أو من يحرس مرماه أو من يرأس حربته أو قلب دفاعه وحتى جناحاه، المهم أن يكون هذا الفريق بحريني يدافع بإخلاص عن ألوان الوطن.
تحت راية البحرين العليا تذوب الانتماءات والاهتمامات الأخرى. وسوف نشعر بنشوة الفخر لو سجل المهاجم المنتمي إلى غريم محلي هدف الفوز لصالح منتخبنا الوطني القومي.
وربما يعجبنا هذا اللاعب في المنتخب أو ذاك لانتماءات ضيقة، ورغم ذلك يبقى من يمثل الفريق البحريني محل احترام عندنا أفرادا وجماعة؛ لأنهم في مهمة وطنية.
وعلينا أن نعلم نحن البحرينيين ابتداء من الآن، أن منتخبنا الوطني لن يرضينا أداؤه في كل المباريات، وقد يخسر مرة ومرتين، لكنه يحتاج منا دوما التشجيع والدعم المعنوي لينجح ويفوز، وليس التثبيط والاستسلام والاستهزاء!
إنما الاستهزاء بممثلي الوطن.. استهزاء بنا جميعا. فهذا الذي لا يعجبنا هو في الواقع يمثلني ويمثلك.. وإن كان مستواه لا يليق بطموحاتك فاسأل نفسك ما الذي فعلته أنت حتى تملك حق التقليل من قدره؟
يا أخي في الوطن، إنه في أسوأ الأحوال أفضل منك، فقد عمل وحاول وأخطأ، أما أنت فقد غرقت في جدل لا فائدة ترجى منه في الوقت الحاضر. منتخب الوطن على المحك وأنت تثرثر!
حتى الرأي والانتقاد والاعتراض له وقت مناسب وأسلوب متحضر، لا جدوى من المطالبة بالتغيير أثناء المنافسة، ويبقى صوت الحكمة هو الخيار الأمثل.
فالحكمة لا تضيع من تبعها، والكلمة المسبوكة وتد في عنق النسيان، ويونس نجى من الهلاك في بطن الحوت لأنه آمن بحكمة ربه!