+A
A-

رئيس"الملك حمد للتعايش": المركز يمثل رؤى وفلسفة جلالة الملك

اكد الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، نائب رئيس مجلس الأمناء، المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، ورئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، أن المركز الجديد الذي انطلقت باكورة أعماله مع مطلع هذا العام يعكس فكر وفلسفة ورؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المفدى حفظه الله ورعاه في تعريفه لقيم التسامح والتعايش والسلام بين مختلف فئات المجتمع لافتا إلى أن المركز يتوج جهود وتاريخ البحرين العريق في مجالات التسامح الديني والمذهبي.
وقال الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة في حوار نشر على موقع "بوابة الأهرام" المصرية "إن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المفدى وجه فور تشكيل مجلس أمناء المركز واستقبال جلالته لأعضائه إلى أن يكون المركز مصدر إلهام لبقية الأمم والشعوب عبر إيصال نموذج البحرين للعالم في تجسيد مبادئ الصداقة والاحترام والتقارب الإنساني مشيرا إلى أن أعضاء المجلس يمثلون مختلف الجماعات الدينية والمذهبية والثقافية والعرقية التي تعيش على أرض المملكة، فضلا عن المرأة.
ورأى أن المركز يستوحي مبادئه وأفكاره "من وحي تاريخنا الحي منذ تأسيس الآباء والأجداد من آل خليفة للدولة في قطر وعاصمتهم الزبارة، التي كانت إبان حكمهم منارة للتسامح، ونقلها آل خليفة معهم بعد فتح البحرين عام 1783" موضحا أن أهمية المركز ترتكز على نموذج البحرين الرائد في التعايش بين أبناء الثقافات والحضارات المختلفة وهو نموذج يستوجب إيصاله للعالم كقدوة تحفز قابلية العيش في مجتمع إنساني واحد، في ظل الاختلافات التي نعدها ميزة للحياة البشرية.
وأشار نائب رئيس مجلس الأمناء، المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي إلى العديد من المبادرات التي تبنتها البحرين في مجال التسامح الديني والمذهبي منذ نشوء الدولة في الزبارة، حيث استقطبت هذه المدينة العلماء والأدباء والتجار من مختلف التوجهات والأديان والمذاهب للهجرة والعمل والإقامة فيها، وذلك بفضل سياسة آل خليفة في الانفتاح على العالم مؤكدا أن هذه السمة المميزة ظلت قائمة إلى الآن مع تعاقب الحكام وصولا إلى عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
ولفت إلى أن "البحرين استضافت مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي عام 2002 ومؤتمرا للتقريب بين المذاهب الإسلامية عام 2003 ومنتدى الفكر العربي بعنوان "الوسطية بين التنظير والتطبيق" عام 2005 و"منتدى الحوار بين الحضارات" عام 2008 و"مؤتمر حوار الحضارات" عام 2014، وشاركت عام 2015 في المؤتمر الخامس لقادة الأديان الذي انعقد بكازاخستان، وقام ممثلو الطوائف والأديان في 2016 بعقد اجتماع "صيام من أجل السلام"، كما استضافت البحرين في العام نفسه اجتماع مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر، لحقه تأسيس كرسي الملك حمد لتدريس الحوار والسلام والتفاهم بين الأديان في جامعة لاسبينزا بإيطاليا، وفي 2017 تم إطلاق إعلان مملكة البحرين في مدينة لوس أنجلوس".
وأكد الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أن "من أهم التحديات لأي فرد يعمل في مجال التسامح الديني والمذهبي، هو أن المنطقة إقليميا تعيش أزمات افتعلتها دول وجماعات معتمدة على التفرقة المذهبية والطائفية والدينية، وتقوم أيضا بتمويلها ورعايتها حتى حولتها إلى إرهاب يستهدف مجتمعاتنا المسالمة"، معتبرا أن "القدرة على إيصال رسالة المركز إلى كل أرجاء العالم" تحد آخر يتطلب مجهودا كبيرا جدا".
وتابع إن مثل هذه التحديات تفرض على المركز إيجاد آليات غير تقليدية لتحقيق الأهداف الموضوعة، وبخاصة على المستوى الإعلامي والاتصالي، موضحا إنه "من أجل إيصال رسالة واحدة، سيتوجب علينا مراعاة الاختلافات اللغوية والمستويات المعرفية وطبيعة الجمهور المستهدف، وإخضاع كل فكرة ومبادرة للدراسة المتأنية، والتعامل مع قضايا وظواهر ذات أبعاد عابرة للقارات تتحتم عليها عمليات لتغيير القناعات والاتجاهات والسلوكيات مثل ظواهر التطرف والإرهاب"، وهو ما يستوجب "قوة التنسيق مع الجهات العامة والخاصة والأهلية، محليا وعالميا، للحفاظ على ديناميكية العلاقات مع الجهات التعليمية والأكاديمية والإعلامية والثقافية والدينية".
وحول أهم القضايا التي سيتعاطى معها المركز، بين الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أن المركز يعطي أولوية قصوى "لقضايا التسامح والتعايش والسلام والانفتاح والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان ومحاربة التطرف والإرهاب والجهل، مستلهما في ذلك إعلان مملكة البحرين الصادر في سبتمبر 2017"، مؤكدا أن المركز يستهدف "إبراز منظومة القيم والمشتركات الجامعة بين الحضارات والثقافات، والتعريف بها، والعمل على إثراء مسيرة التسامح والتعايش السلمي، والتوعية بأهمية تلاقي الحضارات وتمازجها، وإحداث حركة تنويرية، ومكافحة الفكر المتطرف المغذي للعنف والكراهية والإرهاب، وإظهار إيجابية التعددية والتنوع والتعايش والتسامح في حاضر المجتمع البحريني وموروثه الثقافي".
وأشاد بما تطرق له جلالة الملك المفدى حفظه الله في لقاءاته المتعددة حول مسألة "الجهل باعتباره عدوا التسامح" مؤكدا أن الجهل المعرفي، وليس التعليمي، هو سبب ما فيه العالم من أزمات ونزاعات عرقية أو طائفية أو فكرية، وهذا الجهل يرتكز على الجهل بطبيعة الحياة التي تفترض التعددية والاختلاف والتنوع، ومن ثم فإن دور المركز يكمن في الكشف عن هذه الغمة التي أحاطت ببعض شعوب العالم، والتصدي لكل ما يخلفه الجهل المعرفي من فكر متعصب ومتطرف قد يقود إلى العنف والإرهاب والسادية والتمييز العنصري والنوعي في المجتمعات.
وطالب الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة بضرورة تضافر الجهود الدولية للتصدي لمثل هذه الآفات"، لافتا إلى "أهمية المحور الخارجي لعمل المركز، الذي سيكون على أتم الاستعداد للمشاركة مع الجهات المختلفة لتدارس هذه القضايا ومعالجتها معالجات علمية منطقية مستوحاة من واقع مملكة البحرين وتاريخها المليء بالعبر المشرفة".
وأعرب رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد عن فخره بـ "افتتاح مجمل نشاطات المركز من خلال تدشين منصة إعلان مملكة البحرين في إبريل الماضي، والتي تمت صياغة مضامينها بشكل مباشر من قبل عاهل البلاد"، وتابع أن هذا الإعلان "يأتي للتأكيد على أنه سيكون مرجعا تستند عليه كل نشاطاتنا القادمة، وقد أتيح الإعلان لجمهور المواطنين والمقيمين والزوار للاطلاع عليه".
وقال إن المركز بدأ بحصر حوالي 60 مركزا ومعهدا ومؤسسة في مختلف أرجاء العالم معنية بقضايا التسامح والتعايش والسلام والحوار بين الحضارات والثقافات، وذلك لبناء قاعدة بيانات رصينة تساعد في تأسيس علاقات تعاون وتوقيع مذكرات تفاهم مشتركة، وإنجاز عدد من الأنشطة والبرامج والمبادرات المشتركة، خصوصا في استضافة وتنظيم الفعاليات وإعداد الدراسات والبحوث والتقارير المشتركة وتبادل زيارات المختصين والخبراء لعمل مشاريع ميدانية بين الطرفين.
وذكر أن المركز "مسئول بشكل أو بآخر عن تحقيق اللحمة الوطنية وتعزيز قيم التسامح والتعايش والدفع بجهود الاحترام والانفتاح على الاختلافات"، مؤكدا أنه "كلما ساهمنا في ترتيب البيت الوطني وتوحيد الصفوف بالتضافر مع المؤسسات المحلية الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، كانت عملية نشر الصورة الحقيقية للبحرين نحو العالم أكثر دلالة ومصداقية وقوة، وهذا ما يعد من أفضل سبل بث قيم التسامح الإنساني على مستوى العالم".
وخلص الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة إلى أن مركز عيسى الثقافي يلعب دور مهما كحاضن لمقر مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، حيث ينطلق في رؤيته من كلمة جلالة الملك المفدى في افتتاحه عام 2008، والتي تقوم على ما نصه "نريد لمركز عيسى الثقافي أن يكون كما كانت البحرين منذ فجر نهضتها مركز إشعاع حضاريا، منفتحا على مراكز الفكر الرصين في العالم، ومستوعبا لكل جديد ومفيد من العطاء الإنساني، وأن يبقى رمزا على مر الزمن لتقدم البحرين ورقيها".
وأضاف أن "احتضان مركز عيسى الثقافي لمقر مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي يجسد سمة الانفتاح التي ميزت تاريخ البحرين برمته، بل كذلك ليؤكد على الامتداد التاريخي لهذه السمة وغيرها من السمات وقيم التعايش التي تعتبر أصلا من أصول استقرار الوجود البشري على هذه الأرض".
وحول حصوله على جائزة "البحر المتوسط للثقافة والسلام" لعام 2018 بإيطاليا، لفت الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة إلى أن هذه الجائزة "إنجاز وطني يضاف إلى سجل إنجازات مملكة البحرين، وهي جائزة ذات طابع عالمي"، لافتا إلى أنه قام بإهداء هذه الجائزة إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي أرسى مبادئ التعايش والتسامح والسلام في البحرين سيرا على نهج وخطى أجداده الكرام، كما أهداها لشعب البحرين، الذي وصفه بأنهم سفراء التسامح للعالم".
وقال الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أنه بالرغم من أن المركز في مرحلة التأسيس، لكن "تم وضع عدد من البرامج والأنشطة التي سيتم الإعلان عنها في الفترة القادمة، منها أنشطة ستركز على الزيارات الخارجية وتعزيز العلاقات وتوقيع مذكرات التفاهم مع مؤسسات ومراكز وجهات معنية بالتعايش والتسامح وحوار الأديان في مختلف دول العالم، كما سيجري العمل على نشر مضامين وثيقة إعلان مملكة البحرين على نطاقات عالمية لكي تصل إلى أكبر قدر ممكن من الشعوب، أملا في تحقيق رسالة المركز في بث قيم السلام واحترام الاختلافات".