+A
A-

براءة رئيس قسم بوزارة العدل من تزوير عقد زواج أجنبية

برأت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى مأذون شرعي "42 عاما – رئيس إدارة في وزارة العدل"، وألغت الحكم الصادر غيابيا عليه بالسجن لمدة 3 سنين مع الأمر بمصادرة عقد نكاح بين شخص بحريني وسيدة أجنبية أدين بتزويره دون أن يكون مختصا بذلك؛ وذلك لأن التاريخ المثبت بالعقد ليس شرطا جوهريا فيه، كما أن منحه الإذن من رئيسه بمثابة تخويل له من الأخير، كما أنه لا يستحق لما ارتكبه سوى جزاء تأديبيا فقط، وهو ما أدى إلى سحب رخصة المأذونية الممنوحة له عقب حصول الواقعة، وأن ما وقع منه غير مجرّم قانونا.

 وكانت المحكمة بهيئة مغايرة عاقبت، غيابيا، المتهم في وقت سابق بالحكم المذكور، إلا أنه لم يقبل بهذا الحكم وطعن عليه بالمعارضة أمام المحكمة ذاتها ولكن بهيئة مغايرة، وشهد لصالحه القاضي الذي وجهه لتوقيع العقد المذكور.

وأفاد القاضي أن المأذون عقد العقد المدعى بتزويره على استمارة خاصة بهذا الأمر، ومذيلة بأختام صحيحة، كما أنه حصل عليها منه شخصيا، فضلا عن أنه عقد العقد بتوجيه منه رغم عدم اختصاصه القانوني، وفقا لما نصت عليه المادة (25) من لائحة المأذونين رقم 1 لسنة 2016 .

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها ببراءة المتهم مما نسب إليه من اتهامات أن تكليف القاضي للمأذون يعد في تلك الظروف بمثابة منحه الاختصاص الذي اقتضاه القانون، ومن ثم فإن المتهم يكون قد باشر العقد بناء على اختصاص خوله إياه من له سلطة التأديبية عليه، الأمر الذي يكون معه العقد قد تم ممن له اختصاص في عقده.

وأشارت إلى أن المخالفة التي ارتكبها المتهم، وإن صحّت، فإنها لا تعدو مخالفة لمقتضى اللائحة سالفة الذكر، لم يرتب عليها المشرع إلا جزاء تأديبيا فقط، وقد طبق عليه الأمر بسحب الرخصة الممنوحة له.

أما بشأن تهمة التزوير المتعلقة بتدوين المتهم بعقد الزواج بأنها بكر، وهو خلاف الحقيقة كونها ثيّب، أوضحت المحكمة بأنه ذلك لا ينطوي على جريمة التزوير، لأن عقد الزواج لم يعد لإثبات هذه الصفة.

وتابعت، أنه فيما يخص التاريخ المبرم فيه العقد، فإن اللائحة التأديبية لم ترتب أي جزاء على مخالفة المأذون لهذا الأمر، سوى الإجراء التأديبي الذي اتخذته لجنة التأديب بسحب الرخصة، ناهيك إلى أن العقد أعد لخلو الزوجين من الموانع الشرعية، ولما كان التاريخ ليس من البيانات الجوهرية في عقد الزواج، وأنه لا يكفي للعقاب في جريمة التزوير أن يكون الشخص قد غير الحقيقة في المحرر سواء كان رسميا أو عرفيا، بل يجب أن يكون التغير قد وقع في جزء من أجزاء المحرر الجوهرية التي من أجلها أعد المحرر، وعليه يكون ما أتاه المتهم غير خاضع للتأثيم الجنائي.

وتعود التفاصيل إلى أن مواطنا "32 عاما" تعرّف خلال العام 2014 على سيدة عربية الجنسية وخطبها، واتفقا على أن يكون مهرها 5000 دينار و5 آلاف أخرى قيمة للشبكة "طقم الذهب"، وقام بالسؤال حول الإجراءات المتخذة من قبل الدولة تجاه من يريد الزواج من أجنبية، فقال له البعض بضرورة أن يكون هنالك ولي للزوجة الأجنبية، ولذلك فقد اتفق مع السيدة على أن تعمل توكيل في بلدها للسائق الخاص به ليكون هو وليها في عقد الزواج.

وأضاف المواطن أنه عمل التوكيل المتفق عليه في بلدها، وتم إرساله للبحرين، إلا أنه وصل متأخرا جدا على موعد صلاحيته، موضحا أن خطيبته أبلغته بمعرفتها شخص بحريني يعمل سكرتيرا لأحد القضاة الشرعيين، والتي تواصلت معه واتفقا على أن يجري لهم عقد الزواج ويصدِّقه ويتم باقي الإجراءات القانونية لدى وزارة العدل؛ وبدون الحاجة لولي.

وأشار ذلك الشخص إلى أنه عقب ذلك تلقى اتصال من شخص لا يعرفه، والذي  طلب منه الحضور بالقرب من أحد المساجد بمنطقة أم الحصم، والذي تبين أنه ذات الشخص الذي اتصلت به خطيبته إلا أنه ادعى له أنه قاض شرعي، على حد قوله، وعقد لهم القران على ورقة رسمية أخرجها من ملف بحوزته، فقام بالتوقيع وبدون مراجعة لتلك الاستمارة، وأخبره أنه سيصدق لهما عقد الزواج.

وتبين لهم في اليوم التالي للواقعة بعدما أخبرته خطيبته أن الشخص المذكور لم يتمكن من تصديق العقد، وطلبت منه الاتصال بسيدة تعمل باحثة قانونية في المحكمة، والتي أبلغته أن ذلك الشخص مأذون شرعي، ولكنه ليس قاضٍ، ولا يملك أي ترخيص لإبرام عقود الزواج فيها طرف أجنبي، وأن هذا من اختصاص القاضي الشرعي، كما أن الاستمارة التي استخدمها قديمة وتم إلغاء التعامل بها، بعدما تعرفت عليه عن طريق صورة عرضها عليها وتعرفت عن طريقها عليه.

وبناء على هذه الواقعة أحال وكيل وزارة العدل الأمر إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف فيها؛ وذلك عقب صدور قرار بإلغاء رخصة المأذونية الممنوحة إليه.

وباستدعاء على هذا الشخص اتضح أنه يعمل في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف فعلا بصفته رئيس لقسم البحوث والإرشاد في الوزارة، إلا أنه لم يعترف بما نسب إليه.

وقال المتهم أن قاضٍ شرعي هو من طلب منه إبرام هذا العقد؛ لأنه لا يريد التدخل في مثل هذه الأمور، وأنه أجرى هذا التصرف نيابة عنه لمعرفته به ومعزته إلى هذا القاضي، وليس لكون هذا القاضي رئيس لجنة اختيار وتأديب المأذونين.

ولفت المتهم إلى أن مهام عمله تتمثل في تجهيز المحاضرات للمسجونين والأحداث ودور العجزة، وكذلك هو مأذون شرعي بإبرام عقود الزواج للبحرينيين فقط، أما إذا كان أحد طرفي العقد أجنبي فإنه يكون من اختصاص القضاة الشرعيين.

وأشار إلى أن استعماله للاستمارة القديمة، والتي تسلّمها من ذات القاضي؛ وذلك لأن الأخير أفهمه أن الزوجين يريدان العقد بتاريخ قديم في غضون العام 2014، ووعده بأنه سيتصرف في الأمر بهذا الشأن.

وكانت النيابة العامة أحالت المتهم للمحاكمة على اعتبار أنه بتاريخ 28 مارس 2016، أولا: ارتكب تزويرا في محرر رسمي وهو وثيقة عقد نكاح صادرة من إدارة المحاكم بوزارة العدل، بأن حرف الحقيقة فيها حال تحريرها فيما أعدت لتدوينه، وذلك بنية استعمالها كمحرر صحيح، ثانيا: اشترك مع آخر عسكري بطريقي الاتفاق والمساعدة في استعمال المحرر الرسمي المزوّر موضوع البند أولا بأن تلاقت إرادتيهما على تقديم وثيقة عقد النكاح إلى الجهة المختصة بالمحكمة لتصديقه، وأمده بالوثيقة لهذا لغرض مع علمه بالتزوير، فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.