+A
A-

مومياء من 3400 سنة قبل الميلاد.. تبوح بأسرارها

أعاد باحثون الحديث عن مومياء لرجل حُفظت بشكل طبيعي في الجليد منذ العصر النحاسي، أو نهاية العصر الحجري الحديث، حسب تصنيف علماء الآثار في أوروبا أي (حوالي 3400 ق.م)، والمعروفة برجل الثلج أو رجل الجليد أو أوتزي.

فقد تكشّف أنه قبل أيام من مقتل صاحب هذه المومياء في جبال الألب الإيطالية منذ حوالي 5300 سنة، أعاد رجل الثلج أوتزي شحذ أدواته، ومن المرجح أنه استخدم يده اليمنى، طبقاً لنتائج تحليل جديد لعلامات القطع على مقتنياته وأمتعته.

ولم يستطع الباحثون، الذين قاموا بإجراء التحليل الجديد، أن يجزموا بأن أوتزي كان يشحذ أدواته تحسباً لصدام دموي، خاصة أن إعادة الشحذ لم تشمل خنجره أو أية أسلحة أخرى.

وفي تصريح لموقع "Live Science"قالت أورسولا فيرار، عالمة الآثار بمؤسسة Soprintendenza للآثار، الذي يتبع وزارة الآثار الإيطالية "أعتقد أنه أعاد شحذ أدواته ربما لأنه كان يعتزم القيام ببعض الأعمال مستخدما هذه الأدوات المعدلة".

إصابات أدت للوفاة

لكن عدداً قليلاً من المومياوات، التي خضعت لدراسة جيدة، مثل حالة أوتزي رجل الثلج، وهو رجل بلغ من العمر ما يقرب من 45 سنة، وكان قد أصيب في رأسه، ونفذ في كتفه سهم اخترق شرايينه مما تسبب في وفاته، في وقت ما بين 3370 و3100 قبل الميلاد، خلال العصر النحاسي.

واكتشف بعض الرحالة جثته المتجمدة، والتي حفظتها الثلوج على هذه الحالة طوال هذه السنوات، في جبال الألب بشمال إيطاليا، في عام 1991. ومنذ ذلك الحين، يواصل العلماء إجراء التحاليل والدراسات على جسد أوتزي ومتعلقاته الشخصية.

الحالة الصحية

وتوصلت الأبحاث إلى تشخيص لإصابته بمجموعة من المشاكل الصحية، شملت أزمة قلبية كانت على وشك الحدوث، والتهاب في المفاصل وأمراض الأسنان، وعدم تحمل اللاكتوز، فضلاً عن حالة محتملة لإصابته بداء لايم، وهو مرض ينتج عن الإصابة بأحد أنواع بكتيريا البوريليا.

مقتنيات أوتزي

كما أجرى العلماء حتى الآن فحوصات دقيقة على مجموعة أدوات أوتزي، التي شملت خنجرا، ومكشطة، وأداة حفر، ومقشرة مصنوعة يدوياً من قرن الوعل، واثنين من رؤوس السهام (بالإضافة إلى رأس السهم التي كانت مغروسة في كتفه). ومن ثم توصلت فيرار وزملاؤها إلى تصور تقريبي لما دار قبيل أيام من مقتل أوتزي.

رجل الثلج أو رجل الجليد أو أوتزي

صخور وثقافات متعددة

كجزء من دراساتهم الشاملة، قامت فيرار وزملاؤها بفحص نوع الصخر القاتم الصلب، الدقيق الحبيبات، المكون من السيليكا، الذي صنعت منه العديد من أدوات أوتزي. ووجدوا أن هذا الصخر ينتمي إلى 3 مواقع مختلفة على الأقل: نتوءات الجبال في ترينتينو بإيطاليا، على بُعد 40 كيلومتراً من الموقع، وأماكن صخرية في جنوب غربي ترينتينو، أي على بعد 75 كلم من الموقع، وربما إلى هضبة ترينتينو، وتقع على بعد لا يقل عن 70 كلم.

علاوة على ذلك، فإن تحليلاً لعلامات القطع على الأدوات، وكذا شكل الأدوات في حد ذاتها، كانت تشير إلى أن مقتنيات أوتزي تضم ملامح تعود إلى ثقافتين، وذلك لأن رؤوس الأسهم كانت من النوع التقليدي، الذي ينتسب إلى تراث شمال إيطاليا، بينما كان حد المكشطة يشبه أدوات الشفرة من منطقة المساكن السويسرية، ومساكن جنوب البحيرة الألمانية، التي تنتسب إلى ثقافة هورغن، وفقاً لما قاله الباحثون.

وتظهر دراسات أخرى أنه كانت هناك تجارة خناجر مصنوعة من ذلك النوع من الصخور، من شمال إيطاليا إلى جنوب ألمانيا وسويسرا، خلال العصر النحاسي. أما النحاس في فأس أوتزي، فيعود إلى توسكانا، في وسط إيطاليا، وفقاً لما كان قد أورده موقع "Live Science".

اليد اليمنى لأوتزي

وتبين من خلال عمليات التحليل للبيانات التي تم الحصول من فحص الأدوات والأسلحة الخاصة بأنها على وجه التقريب أعيد تشكيلها أو جرى شحذها عبر السنين. ولكن اثنين من القطع الأثرية، وهي المكشطة ذات الطرف البيضاوي الشكل، ربما كانت تستخدم لقطع النباتات أو جلود الحيوانات، والحفارة، ربما كانت تستخدم لحفر ثقوب في مواد مثل الخشب، كان على الأرجح تم تعدليها بمعرفة أوتزي نفسه.

كما أرجحت نتائج التحليل أن أوتزي كان يستخدم يده اليمنى، كما هو موضح في تحليل الأدلة على المقتنيات. وأنه نظراً لوجود أثار جرح في اليد اليمنى لأوتزي عند الوفاة، فمن المرجح أنه كان قد أعاد شحذ أدواته في الأيام القليلة السابقة على وفاته.