يتابع بعضنا بإحباط وضيق مباريات المنتخبات العربية في بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في روسيا، لتعرضها لهزائم في الدقائق الأخيرة من مبارياتها وبعد أداء مشرف في كثير من أوقات المباريات تتخلله لحظات من السرحان الذهني والتخبط الفني لتنتج بالنهاية هذه الهزائم. كثيرون فسروا هذه الظاهرة بأنها تعود إلى الثقافة التي ترسخت بيننا والتي لا تعطي الاهتمام الكافي للنهايات بصفة عامة واللحظات الأخيرة في كل مناسباتنا وحياتنا، حيث تشهد دائما تراخيا وتكاسلا في العمل والأداء، بل رغبة في عدم العمل مطلقا خلال هذه الأوقات.
وقد يكون ذلك صحيحا لكنه يبقى غير كاف، خصوصا إذا علمنا أن معظم اللاعبين في منتخباتنا العربية هم من المحترفين بالخارج، أي أنهم تشبعوا أيضًا بالثقافة السائدة هناك التي تعطي كل الوقت ذات القدر من الاهتمام والتعامل الجاد لإنجاز الهدف المحدد.
هناك أسباب عديدة لمثل هذه الهزائم ومن بينها الشعور المبالغ فيه بالرضا عند التعادل مع منتخبات أجنبية نراها وننظر إليها بأنها في مستويات أفضل منا، دون أن يتولد لدينا شعور مماثل بالتحدي على منافسة هذه المنتخبات وإلحاق الهزيمة بها، وكأن ذلك أمر مستحيل رغم وجود حالات لمنتخبات صغيرة تمكنت من الفوز على منتخبات عريقة في عالم كرة القدم، بينما نحن ربما لدينا قدر من “التواضع” في عملية تحديد الهدف من المباراة.
كذلك هناك اكتفاء و ”انبهار” بمجرد التواجد في مثل هذه المحافل العالمية وكأن وصولنا إليها نهاية المطاف، وليس المطلوب منا أكثر من ذلك رغم الآمال العريضة التي تتولد لدى الجمهور والتي تعززها تصريحات المسؤولين أنفسهم بحديثهم عن أهداف متقدمة في البطولات واستعدادهم التام للمنافسة.
مازالت لدينا حالة من التناقض نراها في كثير من مظاهر حياتنا بين ما ننشره من أماني مفرطة عبر الأحاديث والتصريحات، وبين ما ندركه فعلا ويقينا عن إمكانياتنا وحدودنا، مع عدم التخطيط المنظم لنرتقي بهذه الإمكانيات، خصوصا أننا نمتلك الموارد الكافية لهذا الارتقاء في مختلف المجالات.