يذكرني حال إيران الآن بما كنا نشاهده في المسلسلات والأفلام عن أسر كانت تعيش حياة متوسطة ومتوازنة ما بين الفقر والغنى، وتظل تكافح لتحسين أوضاعها ومغادرة هذه المرحلة لعيشة أكثر راحة وأوسع أملا، وما إن تأتي لها الفرصة لتحقيق ذلك عبر ثروة تهطل عليها فجأة وبدون حساب منها أو توقع، وتنتعش آمال أفرادها في حياة هانئة سعيدة تتحقق فيها آمالهم دون معاناة أو مشقة، فإذا برب هذه الأسرة ينغمس انغماسا في الشهوات الآثمة والملذات المحرمة فتذهب الأموال هباء منثورا، فإذا بالأحلام تتساقط والآمال تتهاوى ويصل الأمر لأن ينفجر باقي أعضاء الأسرة في وجهه ويتصدون له بكل ما أوتوا من وسائل مشروعة وغير مشروعة ليحافظوا على ما قد يبقى من أموال أو للتنفيس عما ألم بهم من إحباط وقهر.
فقد كان متوقعا أن يكون إبرام الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى في يوليو 2015 فاتحة خير على الشعب الإيراني، ويكون سببًا في انتشاله من الفقر والعبور بأبنائه إلى مراحل متقدمة في الحياة السعيدة، إلا أن ما حدث كان على العكس من ذلك، حيث انتشر الفقر وزادت المعاناة وتوسع الإحباط وتفاقمت البطالة.
هناك العديد من الإحصائيات والأرقام التي تؤكد ارتفاع نسبة الفقر في إيران، وكان آخرها ما كشفت عنه صحيفة “جهان صنعت” الإيرانية خلال أبريل الجاري بأنه وفقا لبيانات عام 2017 فإن 33 % من سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة يعيشون في حالة من الفقر المدقع، وأن هناك نحو 5 ملايين من الشعب الإيراني جائعون، و39 % من الشعب الإيراني لا يتمتع بالشروط المناسبة لتأمين احتياجاته الأساسية، وأن نسبة الفقر في إيران تزداد بشكل ملحوظ منذ عام 2012 حتى عام 2017، حيث 7 % من العوائل غير الفقيرة تحولت إلى عوائل فقيرة، هذا إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم والهبوط القياسي للعملة الإيرانية أمام العملات الأجنبية، وهو ما ولد انفجارا من قبل الشعب الإيراني ضد الحكومة والرئيس لعدم إدارتهم الجيدة لثروات الدولة بل تبديدها فيما لا يعود بأي نفع على الشعب، فأين ذهبت هذه الأموال والثروات؟.