في الأسبوع الماضي، دشن رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة كتاب “مجلس الرئيس”، وهو عبارة عن مدونة لأصحاب الفكر والأكاديميين والتجار ورجال الصحافة والإعلام الذين دأبوا وعقدوا العزم من خلال زياراتهم المتواصلة ومقالاتهم الصحافية المتواترة على توثيق كل ما كان يدور ويتم تداوله في المجلس الأسبوعي للرئيس، والذي بحق هو بمثابة مجلس برلماني أهلي مفتوح لجميع المواطنين، حيث فيه تطرح المداولات الصريحة مع صاحب القرار وفيه تتبلور أهداف وآراء رواد المجلس، وفيه كذلك يتم عجن المسائل والمشاكل الدقيقة في الشأن المحلي والعالمي والمعيشي والاقتصادي والسياسي، كما تتجسد فيه من أجل صناعة الجرأة النيابية لدى المواطنين العاديين روح رحابة صدر الرئيس وطول البال بابتسامته العريضة التي تمنح السائل أريحية حرية التعبير؛ لتشجيعهم على طرح التساؤلات وتقديم الاقتراحات في حوار متناسق ثقافيًا وحضاريًا؛ لاستشراق الحلول البناءة لبعض القضايا الكبرى التي تهم الوطن والمواطنين؛ من أجل أن تُبحر سفينة الوطن في الوجهة الآمنة التي تنشدها القيادة ويتمناه المواطنين.

لقد فطن سمو رئيس الوزراء المهيب بقوة حدسه وإدراكه الاستثنائي ومعرفته التامة إلى أن حضارات الأمم لا تقاس إلا بمستوى ثقافتها المحلية، والتي عادةً ما تنمو إلا من خلال مراكز البحوث والجامعات والمدونات والمكتبات الوطنية، وهو الشيء الذي دمره المستعمر بعد انهيار الدولة الإسلامية، إذ تم تدمير وهدم وبعثرة جميع المراكز العلمية والثقافية والدينية، ولذلك لم يبقَ لهذه الأمة لِلملمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تاريخها العتيد سوى المجالس الأهلية التي شجعها أُمراء المنطقة وجعلوا من مجالسهم قدوة ونقطة انطلاق لِلم الشمل وإحياء تراثهم واستعادة ثقافتهم التي حاول المستعمر طمسها، فبرهنوا بإصرارهم على فتح مجالسهم أسبوعيًا أنهم قادرون على إحياء روح التضامن والمواطنة لنهضة الأمة من جديد؛ لتشق طريقها إلى آفاق الحياة السعيدة، وهذا ما أكدته الباحثة والمفكرة التونسية ناجية الوريمي في محاضرتها بمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث يوم 16 أبريل 2018، موضحة أن كل حداثة يجب أن تُقيّم حديثًا مع ماضيها.

أدام الله مجالسكم عامرة زاخرة بمحبيكم وأدام الابتسامة على محياكم فمن خلالها نقرأ سعادتنا.