+A
A-

تخصص الناشرين.. وسيلة للربح المادي أم لنشر المعرفة؟

كلما ازدادت معرفة البشر وازداد تعقد الحضارة، ستزداد الحاجة إلى الكتب، ولقد أثبتت تجارة الكتب خلال عصور التاريخ أنها قادرة على تكييف نفسها لتفي بالحاجات دائمة التغيير. وليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن تلك التجارة ستقف عاجزة أمام أية حاجة جديدة، وإذا صدق القول بأن الدراسة الحقة للعالم هي دراسة الإنسان، فإنه يمكننا القول كذلك بأن تاريخ الكتب وتجارتها هو في ذاته تاريخ لتقدم الإنسان.

طبيعي أن كل دار للنشر في العالم تسعى إضافة إلى نشر الوعي والمساهمة في تعميم فائدة الإبداع الى الربح المادي، وفي حالات الالتزام تسعى إلى عدم الخسارة، ونادرا ما تستمر دار في طباعة كتب غير رائجة في السوق، إلا إذا كانت تكاليفها مغطاة من جهة ما لها غاية في توسيع دائرتها. فالتجارة في نشر الكتاب مشروعة إن كانت موازية للغاية المثلى وهي نشر المعرفة، فإن تعدتها تصبح غاية في حد ذاتها، وتصبح المعرفة التي فيها وسيلة لتحقيق الربح المادي ليس إلا.

ولكن السؤال.. كيف ينظر الناشرون اليوم إلى مسألة التخصص في النشر بمعنى أن الكثير ما يخيّب أمل الكتّاب الروائيين مثلا عندما يعرضون رواياتهم على ناشرين متخصصين في كتب الاقتصاد أو الطب أو الهندسة، وقد يحدث أن يلجأ ناشر متخصص في الكتب المدرسية إلى نشر كتب لصغار القراء، بيد أن من غير المحتمل أن ينشر الروايات وكتب الرحلات، وعلى العموم فإن اتجاه الناشرين إلى التخصص يزداد يوما بعد يوم. فمثلا اشتهرت دار "العودة" في لبنان في فترة ما بالمساهمة في نشر وإنتاج والتعريف بعدد لا بأس به من الشعراء العرب أبرزهم الشاعر محمود درويش وسميح القاسم والسياب والبياتي الخ. واختيار كتبها يعتمد بالدرجة الأولى على الأسماء التي تعتبر "بياعة" من شعر ونثر ورواية وقلما تعني بتشجيع الأسماء الجديدة إلا ضمن حدود صغيرة وقائمة على العلاقات الشخصية، بينما المؤسسة العربية للدراسات والنشر فإصداراتها لا تقتصر على حقل معين ولا هي صاحبة اختصاص في كتاب ما.

لقد حملت معي مسألة تخصص الناشرين في نوعية معينة من الكتب إلى معرض البحرين الدولي للكتاب والتقيت ببعض أصحاب دور النشر وخرجت بهذه الخلاصة والإجابات:

 

أحمد نصيف من دار الصباح السعيد للأطفال البحرين

نحن وضعنا أدب الطفل في مروحة اهتماماتنا وعملنا من خلال الدار لملء تلك الفجوة، فسابقا كانت الدور عموما تحوي كل تخصص، أما في الوقت الراهن فأغلب الدور ونحن من ضمنهم طبعا سلكنا طريق التخصص، إذ نحرص على مواكبة كافة مساقات التحديث والتطوير في مجال الكتاب والنشر الإلكتروني وذلك لسبب مهم وهو أن التخصص في مجال واحد يساعد على الإبداع والابتكار وكذلك اكتشاف الجديد الذي سيضيف إلينا ولأطفالنا. وتقوم الدار بإصدار العديد من الكتب المخصصة للأطفال من قصص، ووسائل وألعاب تعليمية، وكتب تعليمية ودفاتر تلوين وتدريبات عامة بلغات متعددة وغيرها، ومجال الأطفال كما تعلم عالم واسع وبلا حدود ويتطلب جهدا مضاعف على اعتبار ان العمل للطفل أصعب بكثير من العمل للكبار.

 

سائر النمر مدير التسويق بالمنظمة العربية للترجمة بلبنان

سياستنا ترجمة الكتب الهادفة وهي تنوعت بين الثقافية والعلمية والفلسفية والاجتماعية، وبرأي ان التخصص في جانب واحد يعطي صبغة وهوية معينة للناشر، وهذا لا يمنع من وجود التنوع في الإصدارات، فلكل جهة مجالها، هناك من ينشر للطب وللهندسة والموسوعات، وهناك أيضا من ينشر الروايات الهابطة.

 

عصام أبو حمدان مدير دار الساقي للنشر والتوزيع بلبنان

عالم النشر او بالأحرى مؤسسات النشر هي في نهاية المطاف مؤسسات خاصة هدفها نشر الثقافة وبالتأكيد الاستفادة المادية من اجل الاستمرار بالعمل، وليس مطلوبا من دار النشر ان تختص بالكتب الأكاديمية او الثقافية وغيرها، هذا من وجهة نظري، أما عن دار الساقي فنحن نقدم كتب الحداثة والتنوير والثقافة العامة وكذلك كتب الأطفال والتي يستفيد منها الجميع دون استثناء.

 

مؤنس حطاب من ألف باء تاء ناشرون من الأردن

التخصص مهم جدا في عالم النشر خاصة كتب الأطفال ولكن بالإضافة الى التخصص يجب ان تكون هناك حملة توعية خاصة من قبل إدارات معارض الكتب العربية بكيفية شراء كتب الأطفال والتمييز ما بين اللعبة والكتاب، فإذا أردنا من الطفل ان يتربى على القراءة العربية السليمة يجب ان نعلمه على قراءة كتاب الأطفال والبرامج التي تدعم برامج القراءة، فاللعبة شيء والكتاب شيء آخر.