+A
A-

"الإدارية" ترفض الطعن الدستوري ودعوى المحامين بشأن زيادة أسعار "البترول"

حكمت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) بعدم قبول الدعوى المقامة من ستة محامين بالطعن على القرار رقم (1) لسنة 2018 الصادر من وزير النفط بشأن تعديل -رفع- سعر بيع الجازولين "البترول"؛ وذلك لعدم جدية الدفع بشأنه، إذ أن تحديد ثمن بيع الجازولين يختلف عن مفهوم الضرائب والرسوم، لكونه سلعة تجارية وخدمية، والتي تخضع بدورها للمتغيرات والعوامل الاقتصادية من عرض وطلب ومنافسة تجارية، لذا فإنه لا يشترط أن يصدر بتحديد سعره قانون.

كما رفضت المحكمة الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المذكور، لانتفاء المصلحة في ذلك، فضلاً عن رفضها كذلك الدفع بعدم دستورية القرار المشار إليه، وألزمت المدعين بمصروفات الدعوى.

وتتحصل وقائع الدعوى في أن المدعين الستة -المحامين- قد أقاموها للمطالبة بالحكم  أولاً: وقبل الفصل في الموضوع وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه  إلى حين الانتهاء من نظر الدعوى الماثلة، ثانيًا: في الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه  فيما تضمنه من زيادة في أسعار البنزين مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم بالرسوم والمصروفات وأتعاب المحاماة.

وأوضح المحامين أنه بتاريخ 8/1/2018 رفعت الهيئة الوطنية للنفط والغاز – المدعى عليها الثانية – أسعار البنزين بشكل مفاجئ، وذلك دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة، أخصها نشر القرار في الجريدة الرسمية، فضلاً عن أنه وفقًا لأحكام المواد 11، 107، 122 فإن أي زيادة لرسم معين أو إنشائه لابد أن يصدر بقانون وليس بقرار، الأمر الذي حدا بهم إلى إقامة دعواهم.

من جهتها قالت المحكمة في حيثيات حكمها بشأن الدفع بعدم دستورية القرار محل الطعن، بدعوى أن تعديل سعر البترول في السوق المحلي يجب أن يكون بقانون وليس بقرار من الهيئة المدعى عليها، فإن الثابت أن  اللوائح التي تصدر بناءً على تخويل من المشرّع وفقا لأحكام المادة (107) من الدستور، ليست من قبيل اللوائح التفويضية المنصوص عليها في المادة (32/أ) من الدستور، ولا تندرج كذلك تحت اللوائح التنفيذية التي نظمتها المادة (39/ب) من الدستور، وتنحسر بالتالي عنها أحكامهما، وإنما مردّ الأمر فيها إلى نص المادة (107) ذاته.

وأشارت إلى أنه من المقرر في قضاء المحكمة أيضًا أنه ( وحيث أن المشرع الدستوري، وإن ذكر في المادة (107) من الدستور أهم إيرادات الدولة، فقصر القيود سالفة البيان عليها على النحو المبين أعلاه، إلا أنّ تلك الإيرادات لا تشكل وحدها كل مصادر الدولة المالية، وإنما هناك موارد مالية من نوع آخر تختلف عن مفهومي الضرائب والرسوم، لم يشأ المشرع الدستوري أن يقيد السلطات الإدارية بشأنها بالقيود والقواعد اللازم اتباعها في تقرير الضرائب والرسوم، ومن بين تلك الموارد أثمان المنتجات ومقابل الخدمات التي تُحَصِّلها الجهاتُ القائمة على إدارة أملاك الدولة ومرافقها العامة، كمرافق الكهرباء والماء والاتصالات والطيران والنقل والصحة وغيرها؛ وذلك لأنها موارد تتعلق بمنتجات وخدمات يؤديها المرفق العام الاقتصادي (صناعي أو تجاري) في الدولة، وتتناسب أثمانها مع الخدمات المؤداة، فهي تقترب في طبيعتها من طبيعة السلع والخدمات التجارية، وتدار وفقًا لأساليب الإدارة الاقتصادية، ومن ثم لا تكتسب أثمانها وصف الضرائب أو مفهوم الرسوم، وإنما تتحدد وفق مقتضيات العوامل الاقتصادية البحتة التي تحكم السوق التجارية، من عرض وطلب ومنافسة تجارية وغيرها من الظروف، وتخضع للتغيرات التي تفرضها طبائع الأوضاع الاقتصادية.

وتابعت، أنه وهديًا بما تقدم، فإنه لما كان المشرّع قد أناط بالهيئة الوطنية للنفط والغاز بموجب القانون رقم (10) لسنة 2006 بشأن مهام واختصاصات الهيئة الوطنية للنفط والغاز المنشأة بالمرسوم رقم (63) لسنة 2005 وتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (42) لسنة 1999 بإنشاء شركة نفط البحرين والتي حلت محل المجلس الأعلى للنفط في مباشرة جميع اختصاصاته المنصوص عليها، بما يضمن المحافظة على الثروة النفطية وإيجاد البدائل لها والإشراف على ما قد ينشأ من مؤسسات نفطية وتنمية الصناعات المرتبطة بالنفط بما يكفل ضمان الاستثمار الأفضل للثروة النفطية وتحقيق أكبر عائد منها، ولما كان سعر بيع الجازولين من الموارد المالية للدولة والتي تختلف عن مفهومي الضرائب والرسوم، كغيرها من أثمان المنتجات ومقابل الخدمات التي يتم تحصيلها من قبل الجهات القائمة على إدارة أملاك الدولة ومرافقها العامة، كمرافق الكهرباء والماء، حيث أن طبيعة الجازولين  هو كغيره من السلع والخدمات التجارية، وتدار وفقًا لأساليب الإدارة الاقتصادية ويتحدد سعره وفق مقتضيات العوامل الاقتصادية البحتة التي تحكم السوق التجارية من عرض وطلب ومنافسة تجارية وغيرها من الظروف، وتخضع للمتغيرات التي تفرضها طبائع الأوضاع الاقتصادية، فإن لا يشترط أن يصدر بتحديد سعره - الجازولين -  بقانون أو بناءً على قانون، ويستقيم صحة تقريره بقرار صادر عن الجهة المنوط بها إدارة المرفق، في إطار الصلاحيات التي يمنحها لها التنظيم التشريعي للمرفق ذاته، الأمر الذي تخلص معه المحكمة الى عدم جدية هذا الدفع ومن ثم تقضي برفضه.

أما بشأن الطلب المستعجل، فقالت إن الفصل في موضوع الدعوى يغني - بحسب الأصل - عن بحث الشق المستعجل، وحيث أنه عن موضوع الدعوى، بإلغاء القرار المطعون عليه لعدم نشره في الجريدة الرسمية، فإن المستقر عليه أن المصلحة تُعد شرطًا أساسيًا لقبول ثمة دعوى أو دفع، فحيث لا مصلحة لا دعوى.

ولفتت إلى أنه وإذ خلصت المحكمة فيما تقدم إلى مشروعية هذا القرار باستيفائه لأركانه وشروط صحته وصدوره ممن يملك سلطة إصداره وفقًا للقانون رقم (10) لسنة 2006 والقوانين والمراسيم المكملة له، وأنه ولئن بدت للمدعين مصلحة قائمة في الطلب الماثل عند رفع دعواهم ابتداءً بتاريخ 10/1/2018 بإلغاء القرار المطعون عليه لعدم نشره بالجريدة الرسمية، إلا أن الثابت من الأوراق قيام جهة الإدارة بنشر قرار وزير النفط رقم (1) لسنة 2018 بشأن تعديل سعر بيع الجازولين في الجريدة الرسمية العدد 3348 بتاريخ 11/1/2018، الأمر الذي يكون مع لا مناص من القضاء بعدم قبول الدعوى لزوال شرط المصلحة.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة أولاً: برفض الدفع بعدم دستورية قرار وزير النفط رقم (1) لسنة 2018 بشأن تعديل سعر بيع الجازولين، ثانيًا: بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعين بمصروفاتها.