العدد 3399
السبت 03 فبراير 2018
banner
مصير القدس بعد جولة بينس (2)
السبت 03 فبراير 2018

هناك أمر آخر يتعلق بالتعاطي مع الولايات المتحدة كشريك أو راع رئيسي لعملية السلام، حيث سبق أن تحدثت في أحد مقالاتي عن ضرورة ألا تصرفنا شحنات الغضب عن رؤية الأمور على حقيقتها والتصرف بعقلانية، وكنت أتحدث عن البيانات الرسمية الصادرة عن بعض الفعاليات العربية التي ذهب بعضها إلى سحب رعاية عملية السلام من واشنطن، فيما ذهب آخرون إلى رفض دور الوسيط الأميركي والمطالبة بوسطاء دوليين آخرين، وغير ذلك من الأمور التي تعبر عن انفعالات وقتية غاضبة وغير مدروسة، تضر أكثر مما تفيد بالقضية وأصحابها!

بعدما تأكد من الموقف الأميركي، أعلن نتنياهو مؤخراً أن الولايات المتحدة الوسيط الوحيد في عملية السلام وأن من لا يريد الحديث مع واشنطن فهو لا يريد السلام! ومن المعروف أن أية عملية وساطة لابد من قبول طرفي التفاوض فيها الشريك أو الوسيط، وهذا يعني أن إسرائيل ترتهن دخولها في أي حوار مع الفلسطينيين بوجود الجانب الأميركي، أو رعايته للعملية التفاوضية!

العاهل الأردني أكد في تصريحات له مؤخراً أيضاً أنه لا يمكن أن تكون عملية سلام أو حل سلمي للصراع من دون دور للولايات المتحدة، وأن من الضروري العمل على إعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والولايات المتحدة، وهي تصريحات مهمة للغاية، برأيي، لأنها توفر الغطاء الذي يحتاجه الجانب الفلسطيني للنزول من أعلى الشجرة التي صعد إليها في مواقفه بشأن قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالتالي يجب فهمها والاستفادة منها فلسطينياً بدقة لأن الاكتفاء بانتقادها يعني ضياع فرصة أخرى لتوفير غطاء لحفظ ماء الوجه!

تصريحات العاهل الأردني التي أدلى بها في “دافوس” تتناقض مع الموقف الفلسطيني الرسمي، الذي ذهب إلى وقف الاتصالات مع الإدارة الأميركية الحالية معتبراً إياها وسيطا غير نزيه في عملية السلام، وهي كذلك بالفعل، ولا شكوك حول هذا الأمر، لكن الموضوعية تقتضي التساؤل: منذ متى كانت الولايات المتحدة وسيطا نزيها في عملية السلام؟! ومنذ متى لم تنحز وشنطن لوجهة النظر الإسرائيلية سواء في ملف القدس أو غيره؟! بالتأكيد لم يتغير شيء على أرض الواقع سوى “الأسلوب” أو “التكتيك” الذي تنتهجه إدارة ترامب في التعبير عن وجهات نظرها، وهو تكتيك صادم ولا يختص بقضية القدس فقط، بل في مختلف ملفات السياسة الخارجية الأميركية، وبالتالي فإن كل ما فعلته هذه الإدارة هو “تعرية” النوايا الأميركية وكشفها وإنهاء مساحات الجدل والنقاش حول هذه النوايا والأهداف!. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية