العدد 3356
الجمعة 22 ديسمبر 2017
banner
النواب أعداء الثقافة و”أوديسيوس” الملاح التائه
الجمعة 22 ديسمبر 2017

الثقافة منذ أن كانت لا تحمل أي لون من ألوان “المجون” بل هي نشاط يتطلع إلى حياة أفضل وبناء مجتمع عصري متحضر، والبحرين تعتز باتساع النشاطات الثقافية التي تقوم بها هيئة الثقافة على نحو خاص، فمثلما الكتاب ركن مهم من أركان الحضارة، أيضا الأنشطة الثقافية (موسيقى، شعر، مسرح، تشكيل وغيرها) تخدم المجتمع بكل تياراته، وتعيد اتصالنا بمخازن تراثنا وحضارتنا وشخصيتنا، واستطاعت الثقافة أن تشق طريقها وتواصل مسيرتها على دروب التقدم والرقي، ولكن إذا اضمحلت وماتت واندثرت ضاع المجتمع.

أحد النواب انتهى به الأمر - وقد اعتاد على إثارة الصواعق - حين وصف حفلات هيئة البحرين للثقافة “بالماجنة” وأنها تسيء إلى البحرين ولا تمت إلى الثقافة بصلة، سعادة النائب يريد إطفاء أضواء الثقافة وعرفانها، وألصق بها عنوة رواسب عهود الانحطاط “وهو مستريح في كرسيه” دون خروج عن المعنى، يا لعذاب هذه الأمة التي ابتليت بتدفق حشود كبيرة من أعداء جميع مجالات الفكر والثقافة، ومن ينظر إليها نظرة مدمرة ويطلق الصيحة نفسها التي سمعتها البشرية في القرون الوسطى حيث محاربة المثقفين والفنانين وردم حقول النشاط الفكري. لابد لنا من وقفة أمام هذه الحرب على الثقافة والأحداث الفنية الرائعة التي تزحف المدن لرؤيتها والاستمتاع بها وتلاقي من النقاد الترحيب والثناء ومن الجمهور عاصفة من التصفيق الحاد والإقبال الشديد.

كم هو مضحك أنه في الوقت الذي يتصاعد فيه زخم النشاط الثقافي والفني في البحرين يوما بعد يوم - بالمناسبة يمتاز المواطن بالمتابعة الثقافية الجادة - تخرج أصوات نراها على مسارح النواب، وبلا تخصص دقيق ولا علم أو مفاهيم بأدنى عناصر الثقافة لتحرم وتحلل وتفتي بقضايا المسرح والفن وتعكس الحياة كلها، فشل ذريع في المجلس وفي نقل هموم الناس وعجز في تحقيق أية مكاسب واضحة وطرح كل ما يعود بالنفع والفائدة على المواطن، واليوم يظهر نفسه كعنصر ضاغط على الثقافة دون أن يكون بينهم شيء حقيقي مشترك أو صلة، إنما يبدو أنها أصبحت ظاهرة وتجربة عامة عند بعض النواب وعلامة من علامات البطولة. هؤلاء النواب أعداء الثقافة مثل “أوديسيوس” الملاح التائه الذي تتقاذفه مغريات البحر من جزيرة إلى أخرى، ولا يسير في رحلاته على أسس علمية ثابتة!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية