العدد 3303
الإثنين 30 أكتوبر 2017
banner
مخطط لابتلاع إقليم كردستان العراق
الإثنين 30 أكتوبر 2017

شمال العراق هو إقليم كردستان تحول في لحظة تاريخية إلى منطقة نزاع وتوتر وقلق من الحاضر والمجهول بسبب تحدي الإرادة الدولية وقبول الخلاف مع بغداد حتى تداخلت عليه تأثيرات دولية إقليمية وتخلي واشنطن عن حكومته التي كانت بنظر الجميع مدللة.

حاليا تحولت علاقة الإقليم مع حكومة بغداد إلى علاقة اختفت منها لغة الحوار وحلت بديلا عنها لغة المدافع والرصاص وقد تكون للطائرات مشاركة في قادم الأيام لا سمح الله إن طالت وتيرة التعنت واستمرار التصعيد الإعلامي والسياسي الذي نتفرج عليه يوميا، والعنف المسلح الذي تشهده حاليا مدينة سنجار وضواحيها والمناطق المؤدية إلى مفرق فيش خابور الحدودي عند المثلث العراقي السوري التركي الذي تصر الحكومة الاتحادية ببغداد على أن يكون بيدها مهما كلف الأمر، وهذا أصبح أمر متفق عليه  مع تركيا الغاضبة الخائفة المستفزة.

والذي يهمنا هو البحث والتحليل واستشراف مستقبل الوضع في الإقليم الذي على ما يبدو لا يبشر بخير للأسف لأسباب عدة، منها أن القيادة الكردية التي تتبنى القرار الرسمي في أربيل من حزب مسعود بارزاني للآن تتمسك برؤيتها وعنادها ضد قرارات بغداد الذي تشير كل الدلائل أن القوى الكبرى بالعالم تساندها في الحفاظ على وحدة العراق بعد أن دارت ظهرها عن الحليف السابق مسعود بارزاني، والأمر الآخر أن الخلافات بين الأطراف السياسية الكردية وصلت إلى حد كسر العظم بينها وهي(الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير والاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية) وتوظيف لغة التخوين بديلا عن لغة الوطنية، وهذا بطبيعة الحال سيفسح المجال للقوى الإقليمية لن تتمدد بسهولة، وسيجعل القوى الكردية هي من تبسط السجاد الأحمر لتلك القوى لأن تلعب دورا لا يخدم مصلحة العراق ولا مصلحة أكراد العراق، فالغريب لا يريد لك الخير مطلقا بقدر ما تهمه مصالحه، وهنا ستتحول مناطق شمال العراق إلى بؤر للنزاع لا استبعد إن تطول مدته إلى نحو عقدين من الزمن وفقا للطبيعة الديموغرافية التي تستوعب مثل هذا النزاع المحلي والإقليمي وإذا كانت بغداد مستفيدة بالوقت الحاضر من تدخل القوى الخارجية لثني بارزاني عن طموحه وسد شهيته لإعلان دولة كردية برؤية لا تتوفر لها أية مبررات منطقية سوى أن الرجل وقع ضحية سماسرة وتجار حروب ذات ارتباطات مخابراتية دولية، وأيضا بالمجمع الصناعي الأميركي الرامي لإدامة زخم الحرب وتغذية بؤر النزاع في المناطق الرخوة بالعالم ،في سبيل إنتاج السلاح وتصديره ،ومن بينهم السفير الأميركي السابق ببغداد زلماي خليل زاد الذي أسس شركة للعلاقات العامة للتأثير على القرار الرسمي الأميركي، ولا استبعد أن يكون رأي هذه الجهات الباحثة عن المال،إن لم تنجح بتحقيق حلم استقلال الإقليم فأنها سينجح في خلق بؤرة نزاع جديدة تنتعش في ظلها آمال تجار الحروب والصفقات الحربية.

ثم ماذا بعد كل هذا؟ باعتقادنا أن المرحلة المقبلة ستكون مدن الإقليم الثلاث (أربيل، السليمانية، دهوك) مناطق جذب للجماعات المتطرفة والإرهابية سيما في حال إن إدارة الإقليم لم تنتبه لخطورة الوضع وتتعامل مع المتغيرات بالمنطق وتتصالح مع بغداد وفقا للدستور العراقي، فالأجندات الخارجية والإقليمية سوف تنتقم من الإقليم وستعمد على إثارة حرب اقتتال داخلي بين الكرد، فالأرضية والذهنية جاهزة لتقبل مثل هذه الخلافات الأمر الذي سيجبر السكان المدنيين للهروب إلى الجبال وترك الحياة المدنية والعمارات التي بنيت على طراز دبي وأبو ظبي، والوصول الى هذا الحال أمر قبل أن يكون خطيرا فانه حرام في حرام، فشعب كردستان هو شعب عراقي يستحق أن يعيش بأمان وسلام واستقرار.ولكن ما يزال الوقت في بدايته ويمكن أن تستدرك القيادات الكردية خطورة المجهول ضدهم وان تعود إلى بغداد للحوار بأسرع وقت وتستفيد من وجود شخصيات رفيعة المستوى من رئيس الجمهورية إلى الوزراء والنواب وكبار المسؤولين وعبور ضفة الخطر إلى بر الأمان الذي نتمناه وندعو له.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .