العدد 3275
الإثنين 02 أكتوبر 2017
banner
قضاء كينيا
الإثنين 02 أكتوبر 2017

استقلال القضاء ونزاهته من أهم عوامل قوة المجتمع وتماسكه، بينما يؤدي ضعفه وفساده إلى تسريع انهيار المجتمع وتفسخ العلاقات وانعدام الولاء والانتماء بين أفراده، وتزداد أهمية وقيمة هذا القضاء وقت الأزمات والاضطرابات كتلك التي نشهدها الآن في العديد من دول المنطقة، والتي تجعل من القضاء المؤسسة الوحيدة تقريبا التي يمكن أن تشعر الإنسان بالاطمئنان داخل دولته وأنه سيظل بمنأى عن أي تصرف خارق أو سلوك غير قانوني مهما كان مصدره.

ورغم أنها دولة بعيدة عن الأضواء الدولية، إلا أن كينيا قدمت لنا درسًا عميقًا في استقلال القضاء ونزاهته، حيث أعلنت المحكمة العليا في كينيا في الأول من سبتمبر 2017م بطلان فوز الرئيس “أوهورو كينياتا” بسبب تجاوزات ومخالفات ارتكبتها لجنة الانتخابات (التي أعلنت فوز كينياتا بالرئاسة بفارق 1.4 مليون صوت) خلال التصويت الذي جرى في أغسطس الماضي، ما أضر بنزاهة العملية، وقالت إنه يتعين إجراء تصويت جديد خلال 60 يوما.

قد لا يسمح رؤساء كثيرون بصدور مثل هذا الإعلان، وقد لا يمتلك قضاة عديدون جرأة القيام بمثل هذه الخطوة، ما يشير إلى صحة وسلامة المناخ القضائي في كينيا، وهذا الحكم القضائي يتعلق بانتخابات على أعلى مستوى أي الرئاسة، بل ضد الرئيس الذي مازال يحكم البلاد، وهو بلا شك يعكس ثقة القضاة في احترام أحكامهم وحرصهم على أداء مهامهم وفقًا للقانون دون النظر لأية اعتبارات أخرى.

والمهم أيضًا في هذه القضية هو رد فعل الرئيس كينياتا، إذ لم يحل دون صدور الحكم ابتداءً، كما لم ينتفض أو يعارض أو ينتقد الحكم بعد إعلانه، بل أكد احترامه الحكم وقال: “دعونا نلتقي عند صناديق الاقتراع”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية