+A
A-

طيران الخليج.. الطفل المدلل

يتساءل مراقبون واقتصاديون لماذا شركة طيران الخليج تحظى بدعم مالي من الدولة بمئات الملايين، ولماذا – بالرغم من ذلك - لا تستطيع التحليق نحو الربحية، ووضع نفسها في مصاف الناقلات الناجحة سواء في المنطقة أو العالم.

رُصد في ميزانية 2017/2018 نحو 100 مليون دينار لطيران الخليج، تضاف إلى نحو 800 مليون دينار كانت “أكلتها” الشركة خلال الأعوام الماضية.

ومع بداية ماراثون تمرير الميزانية في مجلس النواب، وضع رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في المجلس عبدالرحمن بوعلي 4 مطالب رئيسة من البرلمان أمام الحكومة لإجازة عبور مشروع قانون الميزانية، أحدها رفض تمويل شركة طيران الخليج بمبلغ 100 مليون دينار من الميزانية العامة للدولة.

كما طالب بضرورة قيام شركة ممتلكات القابضة الاستدانة لتمويل الناقلة الوطنية، وأن تتحمّل الشركة المسؤولية.

وأكد بوعلي لـ “البلاد” في اتصال هاتفي أن “الحكومة ضخت إلى الآن (الأموال التي وافق عليها مجلس النواب أو مرت من خلاله) نحو 800 مليون دينار في طيران الخليج، (...) وهو رقم ضخم، كان يمكن استثماره في منافذ أخرى تفيد المواطن.

وأوضح بوعلي أن الرئيس التنفيذي لممتلكات القابضة محمود الكوهجي أعلن في آخر اجتماع رسمي جمعه مع النواب أن طيران الخليج لن تطلب مساعدات مالية، (...) لكننا فوجئنا بتخصيص 100 مليون دينار لها في ميزانية 2017/2018.

وأضاف أن “الشارع البحريني يعترض على مساعدة طيران الخليج، وكذلك مجلس النواب، (...) أعتقد بأن الجميع يرفض تقديم مساعدات مالية إضافية للشركة.

ولم تعلن شركة طيران الخليج ميزانيتها المالية (خسائرها) عن العام 2016، إلا أن الخسائر تلاحقها منذ سنوات طويلة وزادت بعد أن أصبحت بحرينية.

وبلغت خسائر الشركة في العام 2015 نحو 24.1 مليون دينار وفي 2014 نحو 62.7 مليون، فيما كانت في 2013 قرابة الـ 93.3 مليون دينار.

وخسرت في العام 2012 نحو 240 مليون دينار، فيما كانت في 2011 نحو 211 ملايين. أما في العام 2010، فبلغت الخسائر 188 مليونا، وفي العام 2009 عند 189 مليون دينار.

ومنيت الشركة بخسائر في العام 2008 بلغت 143 مليون دينار قياسا بخسائر 163 مليونا في 2007.

وبلغت الخسائر المتراكمة في العام 2008 نحو 600 مليون دينار، ولا يوجد رقم دقيق عن حجم خسائرها المتراكمة حتى العام 2017.

لكن الرئيس التنفيذي المستقيل، ماهر المسلم أكد في آخر تصريحات نشرت في يونيو 2016، أن الشركة استطاعت تخفيض 88 % من خسائرها، فيما توقع أن تخرج من عباءة الدعم المالي الحكومي والانتقال لمرحلة الاعتماد على الذات خلال العام الجاري، أي 2017.

وأصبحت “طيران الخليج” التي تأسست في العام 1950، الناقلة الوطنية للبحرين في شهر مايو 2007، بعد انسحاب سلطنة عُمان رسميا، فيما كان سبقها إلى ذلك أبوظبي في 2005 وقطر 2002.

ويؤكد خبير اقتصادي بحريني أن الشركة غير “متزنة” ماليا على ما يبدو، والخسائر تلاحقها منذ سنوات.

وحمّل خطط الإدارة التنفيذية المتعاقبة أسباب الخسائر، (..) كلما جاءت إدارة جديدة تنسف ما أطلقته الإدارة التي سبقتها وتبدأ من جديد، ودائما تأتي الخطط متخالفة وبعيدة عن بعضها البعض، خصوصا ما يتعلق بالأسطول والوجهات المستهدفة، وهي روح شركات الطيران، على حد تعبيره.

ويقول الخبير الاقتصادي الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموقف، أنه في الأعوام 2007 و2008 قررت الإدارة تشغيل رحلات طويلة وأطلقت خططا لاستئجار وشراء طائرات من بوينغ وإيرباص بأحجام كبيرة.

وتساءل: أين ذهبت الأموال، ولماذا لم تدعم الشركة وتحلق بها إلى الربحية؟ سؤال برسم الإجابة!

وتخلل هذه الفترة تغيير الرئيس التنفيذي، حيث قرر الجديد توحيد الأسطول إلى نوع واحد، وذلك لسهولة – بحسب رأيه – التعامل مع الصيانة والتفاصيل الأخرى، فألغى التعاقدات التي تمت مع الشركات الأخرى، وحمّل الشركة مزيدا من الخسائر.

ثم جاء رئيس تنفيذي جديد نسف ما تم الاتفاق عليه سابقه، وألغى الاتفاقات الموقعة بمليارات الدولارات وحمّل الشركة غرامات بالملايين وطرح خطة جديدة في 2010 تتضمن التركيز على الرحلات القصيرة والاعتماد على طائرات صغيرة نسبيا.

وكانت الشركة طلبت في شهر يناير 2008 رسميا من شركة بوينغ الأميركية تأمينها بـ 24 طائرة من طراز “787 دريم لاينر”، بقيمة إجمالية تبلغ 6 مليارات دولار دخلت الأسطول في العام 2016، وهي خطوة أولى من برنامج تحديث الأسطول الذي أطلق في العام نفسه، والذي استهدف بلوغ 45 طائرة في غضون 10 أعوام (ينتهي في 2018).

وكانت الشركة تخسر نحو مليون دولار يوميا في الأعوام 2006 و2007، ونحو 700 ألف دولار في 2008 و2009.

وفي 28 مايو 2008 قدمت طيران الخليج طلباً، مؤكَّداً لشراء 35 طائرة من طراز الأيرباص بقيمة 5 مليارات دولار .

وفي شهر يونيو 2010  عادت الشركة لتوقع اتفاقية مبدئية مع شركة “امبرير” البرازيلية لاستئجار طائرتين من طراز “امبرير 170”، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد إلى خمس.

ثم بدأت طيران الخليج خطة جديدة لإعادة الهيكلة وتوقيف الخسائر واستنزاف الموارد في العام 2013، تضمنت تقليص عدد العاملين من نحو 5 آلاف إلى نحو 2800، منهم 2000 بحريني.

كما عادت الشركة لتعلن في 2016 عن تحديث أسطول طائراتها بإبرام عقود تصل قيمتها إلى 7.6 مليار دولار تتألف من 16 طائرة بوينغ من طراز 9-787 دريملاينرس، 17 طائرة أيرباص من طراز أيه 321 نيو و12 طائرة إيرباص من طراز أيه 320 نيو.

وتطير الشركة اليوم إلى 43 مدينة في 24 دولة حول العالم، حيث تشغل واحدة من أكبر الشبكات في منطقة الشرق الأوسط – بحسب ما تقول - برحلات يومية مزدوجة إلى أكثر من 10 مدن إقليمية، من مركزها في مطار البحرين الدولي. ويوجد في أسطول الشركة 28 طائرة حديثة.