العدد 3177
الإثنين 26 يونيو 2017
banner
كيف نقتلع جذور التخلف التي عصرتنا؟
الإثنين 26 يونيو 2017

يقول المفكر والكاتب غالي شكري إن النهضة الفكرية العربية الحديثة لاقت العنف والإذلال والتخلف من جانب فئات عربية تستند أساسا على نظم موغلة في التخلف والعداء لجوهر كل نهضة وتقدم.

أتفق إلى حد الثمالة مع هذه المقولة خصوصا ونحن نرى في بعض مجتمعاتنا من يتصور أنه يحمل ترخيصا قانونيا للحكم على هذا أو ذاك، ومازالت الأصوات التي تريد لنا البقاء خارج مضمار التقدم الإنساني موجودة رغم أضوائها الخافتة!

إن الجمود الذي كبل “فكرنا” عبر عشرات القرون، ووقفة الفزع أمام كل التشريعات صغيرة كانت أم كبيرة، أصلية كانت أم فرعية، حيث أغرقتنا المقولة التقليدية التي توارثناها جيلا عن جيل بأن تلك التشريعات والأوامر والنواهي بحذافيرها صالحة لكل زمان ومكان دون مناقشة أو تمحيص أو تطوير، حيث ظلمنا ديننا الحنيف وكدسنا عليه غبار الحقب حتى استحال حجرة عثرة أمام تقدم وتطور مجتمعاتنا “بسبب جماعات التكفير والإرهاب”، متجاهلين الجهود المضنية التي بذلها مئات الفقهاء والعلماء في ميادين الإجماع والإفتاء والدراسات ودون أن ندرك أن في الدين أمورا أساسية تقوم عليها العقيدة أصلا وبناء وهي التي تصلح لكل زمان ومكان وتلك التي أطلق عليها الأركان والأصول، وهي في مجموعها تشكل تقريرا لأصول العقيدة وما يتعلق بها من شعائر العبادة وأسس الأخلاق والمبادئ الإنسانية، وتكفل بمجملها روابط المحبة والخير والصفاء بين كل البشر، لتكون تلك الأصول أسس البناء للحضارة التي نطمح إليها، لكننا أطبقنا على كل تلك الأحكام بيد من حديد وأحطناها بهالات التقديس دونما فهم ولا يزال كثير منا يفعل ذلك. 

مازلت أقول بكل ثقة إن الخوف من الإقدام على التغيير والرعب أمام القيم القديمة التي لم تعد تحمل إلا كثيرا من الزيف يعتبر من أقوى أسباب تكريس التخلف في مجتمعاتنا، نحن لا ندعو إلى انهيار قيمنا وعاداتنا، وإنما نريد فهما للتغير الاجتماعي الذي طرأ على العالم، كما نريد من البعض أن يبتعدوا عن الازدواجية التي يعيشونها والانفصام القائم بين فكرهم وبين ما يدعون إليه ويفعلونه، نريد القضاء على أساليب التلقين والاستبداد وتكريس الصفات السلبية في الجيل الجديد من صمت واستكانة وخضوع وتقديس “للآراء” أيا كانت والنظر إلى الأشياء بعمق وتفكير، بغية اقتلاع جذور التخلف التي عصرتنا والوقوف على الطريق الصحيح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .