+A
A-

ابتعاد الشباب عن اللباس التقليدي يهدد قطاع الخياطة الرجالية

ينذر تخلي الشباب البحريني عن اللباس الشعبي التقليدي (الغترة والعقال والثوب) وتفضيلهم الأزياء الحديثة، بتراجع قطاع الخياطة الرجالية.

ويؤكد عاملون في المجال أن الطلب على اللباس الرجالي التقليدي انخفض بشكل لافت في السنوات القليلة الماضية، تماشيا مع انفتاح الأسواق وتواجد الشركات الأجنبية في المملكة، حيث يفضل الموظفون فيها من المواطنين ارتداء الزي المتمدن، لاسيما البدلات وربطات العنق.

تراجع الطلب على الثوب التقليدي

وأكد مدير شركة الخيط الفضي للخياطة الرجالية عبدالله حامد أن “الطلب على الملابس الشعبية أو التقليدية تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، وبشكل تدريجي”.

وأوضح لـ “البلاد” أن “انخفاض عدد الزبائن بنسبة تصل إلى 30 % على الأقل، سيدفع الشركة لإغلاق بعض محلاتها المنتشرة في المملكة، أو تحويلها إلى الخياطة النسائية التي مازالت تعمل بشكل جيد”.

وتابع حامد “ابتعاد جيل الشباب عن اللباس التقليدي وتوجهه نحو الأزياء الحديثة من شأنه تهديد هذه الصناعة التي ستعتمد في مستقبل ليس ببعيد على طلبات كبار السن، أو المناسبات فقط، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع”.

ويعمل لدى شركة الخيط الفضي نحو 40 خياطا، معظمهم من الهنود.

 

1239 سجلا تجاريا

وأشارت بيانات مركز المستثمرين التابع لوزارة الصناعة والتجارة إلى وجود نحو 1239 سجلا تجاريا يعمل في مجال الخياطة، تعود إلى شركات ومالكين من الأفراد.

ولا يعمل في قطاع الخياطة بحرينيون، حيث تقتصر الصناعة على العمالة الهندية التي تسيطر عليها بشكل كامل تقريبا، في حين يمتلك المواطنون السجلات التجارية.

من جهته، قال صاحب محلات الكرم للخياطة الرجالية سعيد فريد إن “هناك تراجعا لافتا بالطلب على تفصيل الملابس التقليدية قياسا بمطلع تسعينات القرن الماضي، عندما بدأ العمل في هذا المجال”.

وبيَّن أن “الشباب بصفة عامة، لاسيما الجيل الذي يقل عمره عن 25 عاما يفضل اللباس العادي (البدلات، البنطلون والقميص)”، لكنه وجد صعوبة في تحديد نسبة هؤلاء، أو نسبة تراجع الطلب على الثوب الشعبي”.

 

ارتباط الطلب بالمناسبات والأعياد

وأوضح أن “الطلب عادة ما ينتعش في مواسم الأعياد، حيث يرتفع عدد الزبائن بنسبة 100 % تقريبا، (...) ما عدا ذلك يكون الإقبال طبيعيا ويتراجع سنة بعد سنة”.

وأكد فريد الذي يمتلك 4 محلات في مواقع مختلفة من المملكة أن “العمل أصبح ضعيفا بعض الشيء، لكن بشكل عام مازال هناك طلبا”.

ويعتمد لابسو الزي البحريني التقليدي على محلات الخياطة لتفصيل ثيابهم، حيث لا توفر الأسواق ملابس جاهزة من هذا الصنف.

وتستخدم محلات الخياطة الرجالية أنواعا مختلفة من الأقمشة، أغلبها الأبيض، منها الياباني وهو الأفضل، وهناك الكوري والباكستاني، وغيرها.

وأوضح سعيد أن “معظم القماش الذي يستخدمه في محلاته يتم استيراده من دبي، حيث لديه عملاء هناك يوردون له احتياجاته بشكل مستمر”.

وحول الأسعار، أكد أن “أسعار الأقمشة ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة كبيرة، حيث يصل سعر القطعة (اللفة) التي تسمح بإنتاج من 5 إلى 6 أثواب نحو 55 دينارا، بعد أن كانت تباع بـ 30 دينارا فقط قبل سنوات”.

وأكد سعيد أن “البحرين تعتمد على القماش المستورد، حيث لم يسمع يوما بوجود صناعة محلية في هذا المجال، فمصانع الأنسجة في المملكة لا تنتج القماش الذي يصلح لخياطة الثياب الرجالية”.

من جهته، قال صاحب محلات الشامة للملابس الشعبية محمد فهد إن “الطلب على اللباس التقليدي تراجع كثيرا بنسبة قد تصل إلى 40 %، فمعظم شباب اليوم – على حد وصفه – يفضلون الزي الإفرنجي، في إشارة إلى البنطلون والبدلات والقمصان العادية”.

 

ملابس الموظفين بالقطاع الخاص

وبيَّن أن “كثيرا من المؤسسات والشركات في القطاع الخاص ساهمت في ذلك، فبعضها يفضل أن يرتدي الموظفين البدلة وربطة العنق”.

ويتميز أبناء دول الخليج باللباس العربي المكون من الثوب والغترة والعقال، لكن لكل دولة تفصيل خاص بها، فالثوب البحريني يختلف بعض الشيء عن السعودي أو الكويتي، وهكذا.

وعن ذلك يقول فهد إن “لكل بلد تفصيلة خاصة به، فالثياب تختلف لاسيما الياقة التي عادة ما تميز ملابس أهالي دول الخليج عن بعضها”.

وبيَّن أن هذه الاختلافات منذ زمن بعيد، وهي – على حد وصفه – مرتبطة بالبيئة وطبيعة عمل أهل المنطقة.

وحول أنواع الأقمشة أوضح أن “جميع محلات البحرين تستورد القماش من الخارج خصوصا من دبي، (...) مصانع النسيج البحرينية لا تنتج لأنواع المستخدمة في تصميم الثياب البحرينية”.

وخالف صاحب محلات جمر الغضى عبدالرحمن عبدالسلام ما جاء به فهد وفريد، حيث كان له رأي مخالف بعض الشيء، فهو يرى أن “اللباس الرجالي التقليدي مازال يشهد طلبا، ولكن بمستوى أقل عن الماضي، وبنسبة لا تتجاوز الـ 15 %”.

 

البحرينيون مازالوا يفضلون الثوب

وأوضح الذي يعمل في مجال خياطة الثياب الرجالية منذ 30 عاما أن “البحرينيين مازالوا يفضلون ارتداء الثوب، (...) إذا كان البعض يذهب إلى عمله باللباس العادي (البنطلون وربطة العنق)، فإنه بالتأكيد يفضل لباس الثوب في العطلات والمناسبات والأعياد”.

وفيما يتعلق بالأسعار، قال إن “أسعار الأقمشة ارتفعت بنسبة 70 % على الأقل، وبالتالي انعكس ذلك على كلفة الثوب الواحد، فقد كان يباع في الماضي بين 11 و12 دينارا، في حين أصبح الآن بين 18 و22 دينارا”.

ويستورد عبدالسلام الذي يمتلك 4 محلات، نحو 75 % من الأقمشة التي تستخدم في محلاته من دبي، في حين يحضر النسبة المتبقية، من اليابان بشكل مباشر”.

وعاد ليؤكد أن “الطلب يعتمد على المواسم، حيث يرتفع بنسبة كبيرة في الأعياد، وبداية الصيف”.

ومن المعروف أن البحرينيين من أكثر الخليجيين انفتاحا على الحضارات الأخرى، كما أنهم الأكثر ابتعادا عن الملابس العربية التقليدية.

محمود الهاجري، موظف في أحد البنوك (34 عاما) يؤكد أنه “كان في الماضي يرتدي الثوب البحريني طوال الوقت، إلا انه تحول إلى اللباس العادي بعد أن عمل في البنك، (...) معظم زملائي يرتدون بدلات وربطات عنق، فضلت أن أكون مثلهم”.

ويشير إلى أنه لا يزال يفضل الثوب في أيام العطل والأعياد وفي المناسبات الاجتماعية، “مع أن البنطلون عملي، ومريح أكثر”. 

لكن منير عبدالرسول (24 عاما) ويعمل في دائرة حكومية أكد أنه لا يرتدي الثوب البحريني إطلاقا، قائلا “الزمن تغير، وأصبح من الضروري مواكبة الحداثة”.

وبيَّن أن “اللباس التقليدي يعوق الحركة ولا يسمح له بأداء عمله بشكل جيد”.

وأيد حمد العلي (39 عاما) ما جاء به الهاجري، مؤكدا أن “المسألة تتعلق بنوع العمل، بالراحة، فالملابس العادية، خصوصا الجينز مثلا، يمنحك حرية أكثر”.

وأضاف “مازال والدي وإخوتي الذين يكبرونني بالعمر يلبسون الثياب، وهم دائما ينتقدوني؛ لأنني لا أرتدي الزي التقليدي، بصراحة أنا لا أفضله نهائيا”.

من جهته، قال عباس حسن، وهو في عقده الأربعين، أنه اعتاد على لبس الثوب منذ طفولته، (...) لا أستطيع ارتداء البنطلون، ومكان عملي لا يفرض عليَّ لباسا بعينه”.

لكنه عاد ليؤكد أن “أبناءه يرتدون الملابس العادية، وهو لا يعترض على ذلك، فلكل طبيعته، وله الحرية في الاختيار”.