عندما تكتب عن المالكية، كن صادقا فيما تكتب، ذلك أن الكثير من الأعين والقلوب سوف ترصدك، فلا سبيل أمامك إلا أن تكون صادقا فيما تقوله، ذلك أن الأحاسيس هنا لغة وصل قوية لا يمكن اسقاطها من بين السطور.
ايضا، عليك أن تخاطب المالكية بلغة محترمة، هذه القرية المستلقية على شاطئ البحر لها من يحرسها ويدافع عنها بدم حام وشهامة، ولا تنسى ان تضفي على كلماتك رهبة وحنية، فهي الأم التي تحتضن الكثير من الرجال وتسبغ عليهم مشاعر الحب والعاطفة.
وعندما تشعر انك غير قادر على الكتابة بهذه المواصفات الراقية، ببساطة شديدة لا تكتب، فذلك افضل شيء تفعله، لكي لا توقع نفسك في مشكة!
هكذا كنت أخاطب نفسي وأنا أشرع في كتابة هذه السطور لأعبر عن شكري وامتناني لرئيس نادي المالكية الاستاذ جاسم عبدالعال وإخوانه أعضاء مجلس الادارة والجهازين الفني والاداري واللاعبين والجماهير الملكاوية على استقبالهم الحار لوفد “البلاد سبورت” في قريتهم.
والحقيقة إننا في القسم الرياضي قمنا بزيارة لقرية المالكية لتهنئة الفريق الكروي الأول ببطولة الدوري العام، فشعرنا أن القرية تحتفي بزيارتنا، ولأن المشاعر الطيبة وصلتنا من حفاوة الضيافة وكرم الاستقبال اصبحنا انا وزملائي أحمد مهدي ومحمد الدرازي والمصور خليل ابراهيم “الملكاوي” امام واجب رد الجميل بالجميل، وإن عجزت الكلمات عن التعبير.
شخصيا لم اتكبد الكثير من العناء عندما شرعت في هذه السطور، فالذي لم أكن أعرفه قبل هذه الزيارة عرفته بعدها، ويكفيني شعوري بالحنين إلى العودة مجددًا للالتقاء بأهلها الطيبين فور مغادرتي وكأنني اصبحت تلقائيا فردا من العائلة.
والمالكية كما رأيتها، قرية تعيش أجواء العائلة بمفهومها الواسع، الأسرة المتماسكة بالترابط وحسن الجيرة دون حدود، لكن تبقى البحرين أولا وثانيًا واخيرًا، أنها متأصلة في اهل المالكية منذ ان غاص اجدادهم في البحر وزرع آباؤهم الارض وشيدها الابناء، وسوف يرفع اسمها الاحفاد على اطراف جفونهم وصولا لاحفاد الاحفاد.
يا لهذا العمق في الحب والانتماء، قرية متشابكة الأصابع مع مدينة تحمل اسم الملك، وعلى مقربة من مسكنه في الضفة الأخرى، فهل هناك أكثر حظوة منكم وانتم الجار الوفي الى حمد؟
كرماء وشامخون، رغم احتياجاتكم الكثيرة، لكنكم صابرون، تعرفون جيدا ان جلالة الجار يستشعر همومكم وتثقون حتى اليقين أنه لن يتأخر عليكم بالبشارة، وتعلمون أن الرسول اوصى بسابع جار فكيف اذا وجلالة الجار يملك قلبا كبيرًا يتسع لجغرافيا اشمل من حدود الوطن.
وعلى اية حال، فأنتم هنا ولن تذهبوا إلى مكان آخر وسوف تنتظرون الأيام الجميلة. وها هو فوز الفريق الاول بلقب الدوري للمرة الاولى في تاريخه احداها، ليكون خير احتفال باليوبيل الذهبي على مرور خمسين عامًا على تأسيس الكيان الملكاوي في العام 1967.
وبالمناسبة هذه، وتلك، فإنه إنجاز فريد من نوعه يستحق الاشادة بالفعل، فقد تحقق بسواعد سمراء خالصة، وخليط بحريني اصيل هندسه المحرقاوي الخبير أحمد صالح الدخيل، الذي ازداد حكمة ودهاء كلما زحف الشيب الابيض على لحيته وشعر رأسه.
إلا أننا امام حالة نادرة لم يسبق التاريخ أن شهدها الا في البحرين، وهو فوز فريق بميزانية تعادل قيمة لاعبين اثنين فقط في صفوف الفرق الكبيرة الاخرى، اهو سحر ام خيال؟
وما يضاعف من غرابة الامر أن هذه الميزانية المتواضعة لا يمكنها أصلا سد فاتورة الفوز بالبطولة، لكنكم استخدمتم الرصيد الحقيقي في البنك البشري، المتمثل في البذل والتضحية وتلك العواطف الممزوجة بالعشق والانسياق نحو الارتباط الروحي الى الكيان بكل ما يجسده من قيمة معنوية.
وغير ذلك الكثير الكثير من الامور، تتفشى دوافعا وعزيمة، لانجاز ما يطلق عليه معجزة، فلم يضرب موسى بعصاه البحر لأنه يقوم بالتصرف الطبيعي، وإنما لإيمانه بقدرة الله.. وانتم آمنتم بقدرة الله فكنتم المعجزة.