+A
A-

ألعاب الفيديو في البحرين... تداول الممنوع وغرف مغلقة

- أطفال يلعبون لأكثر من 10 ساعات يومية

- خجل وهروب من الزيارات العائلية والمجالس 

- استهلاك كامل لمصروف الأطفال وحرمان من متع أخرى 

- اختصاصيون يحذرون من بلوغ مرحلة الإدمان

 

أكد مطورو ألعاب فيديو وشغوفون بهذا العالم، تداول بعض الألعاب الإلكترونية في البحرين بالبيع والشراء، رغم حظرها من قبل هيئة الإعلام لوجود محتوى عنيف وخادش للحياء فيها. 

وأشار مطور ألعاب الفيديو أمين التاجر إلى أن هيئة الإعلام تمنع المواد والمنتجات الثقافية التي ترى في مضمونها ما يتعارض مع المبادئ العامة لمجتمعنا العربي الإسلامي كـ “الحشمة” أو إذا ما تضمنت أفكاراً سياسية ودينية متطرفة. وأردف: رغم الحظر الرسمي، إلا أن ألعاباً محظورة كـ GTA5 وGod of war تُتداول وتشترى وتباع في المحال التجارية سراً، أو عبر التسوق “أون لاين”. 

وتابع قائلاً: إن لعبة GTA5 مثلا، محظورة؛ لما تضممنه من مشاهد ترتبط بسرقة السيارات والعنف مع الشرطة والقيام بتفجيرات، وقد تؤثر على بناء الأطفال نفسياً وعقلياً، وعليه يجب ألا يلعبوها... ولكن الأمر مختلف بالنسبة للراشدين الذين يدركون أن هذه الصور والمشاهد مجرد عالم افتراضي.

من جانب آخر، عبر أولياء أمور عن قلقهم إزاء تقضية أبنائهم أكثر من 8 - 10 ساعات يومية في “الويكند والإجازات الرسمية” منشغلين بهذه الألعاب. وتحدثوا عن “أبواب مغلقة” ليأخذ الأطفال راحتهم في اللعب، ورفض للخروج في زيارات عائلية ومجالس، وكثرة السهر ليلاً، وتأخير للدروس والصلوات أحياناً. 

وعبروا عن ضيقهم من استنزاف ألعاب الفيديو مصروف أبنائهم على نحو كامل، وحرمانهم أنفسهم من الاستمتاع بأمور أخرى.

خلسة 

بداية، تحدثنا مع عبدالله (14 عاما) والذي أكد للصحيفة انغماسه في عالم ألعاب الفيديو منذ أكثر من 6 سنوات، وأنها تحتل مساحة يومية مهمة من وقته وجدوله المقرر.

ودافع عبدالله عن هذه الألعاب بقوة، رافضاً ما يثار عن قلة الأصدقاء وتراجع الحياة الاجتماعية.. “بالعكس.. أسولف مع ربعي ويزيدون من حماستي للعبة”.  ولفت إلى أنه يلعب في الفضاء الإلكتروني مع جيرانه بالحي، وكذلك خليجيين وأجانب على “الأون لاين”، مشيراً إلى أن بعض أصدقائه يعمدون للقدوم لمنزله للاستمتاع بهذه الألعاب بعد أن منع ذويهم تواجدها في منازلهم. 

 

GTA5

 

 

ورداً على سؤال بشأن ألعاب الفيديو المفضلة لديه، أشار إلى ألعاب “كرة القدم” وأخرى مرتبطة بـ “السيارات” وتسمى GTA5، ولكن الأخيرة ممنوعة في البحرين، واشتراها من أحد المحال “خلسة”.

من جهته، أكد مطور ألعاب الفيديو أمين التاجر وجود بعض الألعاب الإلكترونية المتداولة في البحرين، رغم حظرها من قبل هيئة الإعلام، التي تضع بدورها معايير للمحتوى والمصنفات. 

ولفت إلى أن هيئة الإعلام تمنع المواد والمنتجات الثقافية التي ترى في مضمونها ما يتعارض مع المبادئ العامة لمجتمعنا العربي الإسلامي كـ “الحشمة” أو إذا ما تضمنت أفكاراً سياسية ودينية متطرفة.

 

ضوابط منزلية

غير أن التاجر انتقد هيئة الإعلام في جزئية الحظر، مشدداً على وجوب ترك هذه الأمور لتربية الفرد وأخلاقه، وما يضعه أولياء الأمور من ضوابط منزلية.  وزاد: إن لعبة GTA5 مثلا، محظورة لما تضممنه من مشاهد ترتبط بسرقة السيارات والعنف مع الشرطة والقيام بتفجيرات، وقد تؤثر على بناء الأطفال نفسياً وعقلياً، وعليه يجب آلا يلعبوها، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للراشدين الذين يدركون أن هذه الصور والمشاهد مجرد عالم افتراضي. وأضاف: ولذا أرى بوجود ترك هذه الأمور للمنزل، فيقرر الآباء والأمهات الأنسب لأولادهم وفق المرحلة العمرية. 

 

ثوابت مقدسة

ولفت التاجر إلى جهود وتحركات يجريها مع مطوري فيديو آخرين في دولتي (المغرب ولبنان) لإيجاد معايير محددة تتناسب مع منطقة الشرق الأوسط، ويجري على أساسها تصنيف ألعاب الفيديو من حيث المحتوى والفئة العمرية. وتابع: إذا ما جرى وضع معايير وتصنيف واضح، فإن عملية الشراء واستثناء ما هو غير المناسب ستكون سهلة أمام أولياء الأمور. 

وأوضح التاجر وجود ألعاب فيديو أخرى محظورة ويجري تداولها في البحرين، ومنها لعبة God of war التي تدور فصولها ومشاهدها حول أسطورة قديمة للصراع بين الآلة، مؤكداً أنها تحاكي أسطورة ولا تمس بثوابتنا الدينية المقدسة أبداً. 

 

الإنجليزية 

ورفض التاجر ما يثار من مخاوف بشأن ألعاب الفيديو وأثرها على الحياة الاجتماعية للطفل، مشيراً إلى أن كثيرين تواصلوا مع أشخاص خارج الحدود وكونوا صداقات “أون لاين” عبر هذه الألعاب، وطوروا من لغتهم الانجليزية أيضاً. 

واستدرك: رغم ذلك، إلا أنني أرى بأن أي شخص يقضي أكثر من 5 ساعات يومية مع ألعاب الفيديو قد دخل “دائرة الجنون”. 

على صعيد أولياء الأمور، شكت أم عبدالله من حجم المساحة التي تحتلها ألعاب الفيديو في حياة صغيرها، مشيرة إلى أن هذه الألعاب تحصد جميع ما يتبقى من يومه بعد المدرسة.

 

التركيز 

وأضافت: وكأن حياته بأكملها تتمحور حول ألعاب الفيديو، فأصدقاؤه يأتون للمنزل لمشاركته هذه الألعاب الإلكترونية، ولا يخرج للعب كرة القدم إلا نادراً “مرة كل شهرين”.

وبينت أن عبدالله يقضي قرابة 8 - 10 ساعات يومية (الويكند والإجازات الرسمية) منشغلاً بهذه الألعاب، وأما في الإجازات الدراسية (الربيع والصيف)، فيرسل لنا “مسج” واضح مفاده “لا أحد يكلمني” عن ضرورة تخفيض عدد ساعات اللعب أو إلغاء بعضها.  وعبرت أم عبدالله عن عدم ارتياحها من تأثيرات صحية محتملة لبقاء طفلها لساعات طويلة يومياً أمام الشاشة مشغولا بألعاب الفيديو، مما قد يشغل باله ويؤثر على تركيزه. 

 

 

الباب المغلق

وأردفت: أعتقد أن الدراسة لا تمنح الوقت الكافي أمام السيل المتدفق من الألعاب والاهتمام المفرط بها.. “دائما يقفل على روحه باب الغرفة ويلعب”. وعبرت الأم عن ضيقها من استنزاف ألعاب الفيديو لمصروف عبدالله على نحو كامل، ولا يبقي “ولا روبيه عشان نفسه أو شي ثاني”. وأضافت: إن تكلفة القرص (السي دي) الواحد تعادل 20 ديناراً إذا ما كان أصلياً، وتنخفض لـ 13 ديناراً إذا ما كان غير ذلك، ولذا فهي فعلياً تستهلك مصروفه.

 

عزلة

ولم تخف قلقها من العزلة النسبية التي يعيشها عبدالله ذي الـ14 ربيعاً، وقالت: منذ أن دخل سن المراهقة وهو محدود التواصل، وبالكاد يلقي التحية أثناء الزيارات والتجمعات العائلية. 

واستطردت: لم يكن حالة هكذا عندما كان صغيراً، ولا أستطيع الجزم إذا كان السبب وراءها هو الانغماس في عالم الألعاب الإلكترونية أم هو حالة خجل مراهقين طارئة. ولفتت إلى أن ألعاب الفيديو باتت محور حياته الاجتماعية أيضاً، فأصدقاؤه هم أشخاص يعشقونها ويلعبونها سواء كانوا جيران في ذات الحي أو أجانب من دول قريبة وبعيده، وينافسونه فيها عبر الإنترنت”.

 

 

بعيد عن الشارع

وشارك أبا طاهر السيدة أم عبدالله في هواجسها إزاء معدل الساعات اليومية التي يقضيها ابنيهما أما الشاشة لإشباع شغفهما بألعاب الفيديو. 

وأضاف: أترك طاهر أمام الشاشة في المنزل كونها المصدر الأول والرئيس لتسليته، كما أن بقاءه بعيداً عن الشارع يعطيني شعوراً بالأمان، لتلافي استيراد سلوك سيئ من أصدقاء لا نعرفهم.

وتابع قائلاً: غير أن الإفراط في اللعب الإلكتروني قد يخلق شخصاً منعزلاً، ويقتل الحافز نحو التواصل الاجتماعي، وهو ما حصل مع ولدي الذي بات يرفض ضغوطنا للخروج في زيارات عائلية ومجالس، وكذلك يكثر من سهره ليلاً، ويؤخر دروسه وصلاته أحياناً.

 

الوجبات السريعة

ولفت أبوطاهر إلى صعوبة الرقابة على جميع محتوى هذه الألعاب بما تحتويه من كلمات وألفاظ، كما أن بقاء ابنه لساعات طويلة جالساً يعزز ثقافة تناول الوجبات السريعة وغير الصحية. 

وذكر إشكالية أخرى تتعلق باستنزاف مصروف طاهر بأكمله لصالح هذه الألعاب.. وحرمان نفسه من الاستمتاع بأمور أخرى في الحياة.

 

السمنة 

بدورها، أشارت أمين سر جمعية الاجتماعيين البحرينية بشرى مطر لما لممارسة اللعب من أهمية كبيرة في حياة الطفل عبر تمكينه من ممارسة النشاط الحركي وبذلك تتحسن لياقته وتحفظ جسمه من مشاكل السمنة وتبعاتها.

وأردفت: يمكن للطفل من خلال اللعب اكتشاف وإدراك محيطه بشكل أفضل، وتنمية معلوماته ويكتسب كم كبير من القيم والمهارات وبخاصة المهارات الاجتماعية.

وأضافت: يسهل اللعب للطفل تعلم التعبير عن أفكاره ويزيد رصيده اللغوي ويكسبه سرعة البديهة وبذلك يتطور ذكائه ويمكنه مستقبلا من تكوين علاقات اجتماعية جميلة.

 

المكتسبات 

وأكدت أن جميع هذه المكتسبات التي يتحصل عليها الطفل من خلال اللعب تقل كثيرا مع ممارسة اللعب في العالم الافتراضي عن طريق الألعاب الإلكترونية. ولفتت إلى مجموعة عوامل عززت ارتباط الأطفال بالألعاب الإلكترونية وبأحيان كثير بدعم وتشجيع من الوالدين، وأبرزها تطور الحياة ودخول التكنولوجيا كل المجالات، وصغر مساحات المنازل الحالية والخوف على الطفل من اللعب خارج المنزل.  وأضافت مطر: على الرغم من التخوف الكبير لدى الاختصاصيين الاجتماعيين من خسارة فوائد كثيرة تنمي الطفل بعد تحوله للألعاب الإلكترونية إلا أن الخوف الأكبر اليوم هو وصول الأطفال لمرحلة الإدمان على هذه الألعاب.

 

نشوة وحماس

واستطردت: يعتقد البعض أن هذه مبالغة فكيف يمكن إدمان لعبة مرئية لا يمكن أن تمس أجسادنا أو عقولنا كما هو الحال مع المخدرات وغيرها، إلا أن هذه حقيقة سببها أن الإنجاز الذي يحققه اللاعب يعني مزيد من الدوبامين والذي يعطيه النشوة والحماس للمتابعة.

وتطرقت إلى ما أظهرته عمليات فحص أدمغة مدمني الألعاب الإلكترونية من تضخم في مركز المكافأة وذلك نتيجة تعرضه إلى كميات عالية تفوق الحد من هرمون الدوبامين الذي يرتبط بكثير من حالات الإدمان.

وحذرت الاختصاصية الاجتماعية مطر من بقاء الطفل لساعات طوال متواصلة منشغلاً بهذه الألعاب مما قد يؤدي إلى انخفاض أنشطته الاجتماعية وضعف مهارات التواصل، والمعاناة من التوتر عند مقابلة الناس.