+A
A-

مدير “بيبا” لـ “البلاد” (2-2): البرنامج الوطني لتطوير القيادات الحكومية طرح 50 مبادرة

- إحدى الخدمات البلدية كانت تستغرق 28 يومًا وحاليًّا 3 أيام 

- أداء الموظف الحكومي تطور وبشهادة “الخاص”

برنامج الموارد المالية يستهدف 700 موظف حكومي 

 

قال المدير العام لمعهد الإدارة العامة (بيبا) رائد بن شمس “إن البرنامج الوطني لتطوير القيادات الحكومية هو محرك لبرنامج عمل الحكومة”.  

وأوضح بن شمس أن الدفعات الثلاث الأخيرة من البرنامج قدمت 50 مبادرة غطت جميع محاور برنامج عمل الحكومة، مشيرًا إلى أن 36 % من المبادرات غطت محور التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية، فيما غطت 20 % محور الأداء الحكومي. 

ولفت إلى إحدى المبادرات المقدمة من قبل قيادية بوزارة الأشغال وشؤون البلديات، خفضت الوقت المستغرق للنظر بطلب “خدمة بلدية” من 28 يوما إلى 3 أيام فقط. 

وتحدث بن شمس عن دعم وتشجيع مستمر من قِبل رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وقال: “لم أحضر اجتماعا أو مجلسا لسمو رئيس الوزراء، وخلى من توجيهه لنا بضرورة الاستماع للمواطنين وتطوير الخدمات المقدمة لهم وهذا محرك ودافع لنا”.

وفيما يلي نص الجزء الثاني من اللقاء: 

 

هناك ملاحظات كثيرة يطرحها ديوان الرقابة المالية ومجلس النواب أيضا بشأن تعاطي الوزارات مع الميزانية العامة.. وأعلنتم مؤخرًا عن دورات في المالية العامة، ما طبيعة هذه الدورات، وهل ستسهم هذه الخطوة في تقليل الملاحظات؟

- طرح المعهد مع إعلان إستراتيجيته الجديدة العام الماضي البرنامج الوطني لتطوير القيادات الحكومية والذي أقر مؤخرًا من قبل اللجنة التنسيقية، ويندرج تحته 7 برامج تدريبية لمختلف الفئات الوظيفية، بداية من برنامج تأسيس وبناء، وتكوين، وكوادر، وقيادات، وانتهاءً ببرنامج القيادة العليا، إلى جانب برنامج النخبة. وهنالك 3 برامج تخصصية إدارية يعمل المعهد على طرحها وهي: المالية الحكومية، الموارد البشرية الحكومية، وخدمة العملاء. 

 

الموارد الحكومية

وهذه البرامج الثلاثة الأخيرة تخدم هدفين استراتيجيين من أهداف المعهد: تطوير الخدمات، وإدارة الموارد الحكومية. 

بخصوص إدارة الموارد المالية وإدارة الموارد البشرية، وقمنا ببناء برنامج خاص بالأول مستعينين بنموذج للقدرات من سنغافورة مفصل لحاجات البحرين، وبالتعاون مع وزارة المالية، وذلك عبر مواءمته بالواقع البحريني ودور ديوان الرقابة المالية وجميع الإشكالات التي يجب أن تُعالج. ولم نغفل عن مواءمته أيضًا بإطار الجودة الوطنية للمؤهلات مع توفير الاعتمادية الدولية. 

والأمر ذاته ينطبق على برنامج الموارد البشرية الذي سينفذ أيضاً على مستويات ثلاثة كذلك. 

 

كم موظف حكومي يشمله البرنامج؟

- برنامج إدارة المالية الحكومية سيشمل ما يزيد على 700 موظف، وأما برنامج إدارة الموارد البشرية فسيشمل حوالي 800 موظف، ونحن في بداية المشوار، ولذا فالعدد مرشح للزيادة.

 

كيف يتم الربط بين مخرجات البرنامج الوطني لتطوير القيادات الحكومية ومحركات العمل الحكومي؟

 - إحدى آليات التدريب المعتمدة في برنامج قيادات - البرنامج الوطني لتطوير القيادات الحكومية - هي خطة 100 يوم، ويتم فيها ربط مبادرات المتدربين بمحركات العمل الحكومي والمنهجيات المتبعة في المعهد، كبرنامج عمل الحكومة، وفرص التطوير التي تم التطرق لها في إستراتيجية المعهد للأعوام 2016 - 2018م، ومنهجية التأهيل والتدريب الخاصة برامج المعهد، والمهام الوظيفية للفئة التنفيذية للمديرين. 

 

مبادرات 

في آخر 3 دفعات من البرنامج تم تقديم 50 مبادرة غطت جميع محاور برنامج عمل الحكومة كانت معظمها في محور التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية ومحور الأداء الحكومي.

ومن جانب آخر، تطرّقت 45 % من المبادرات لحل إشكالات متعلقة بالخدمات، و40 % لإشكالات متعلقة بالموارد، و10 % من المبادرات كانت تعني بالسياسات الحكومية والاستراتيجيات، فيما ركزت 5 % من المبادرات على حل إشكالات متعلقة بإدارة التغيير، وهذه الإشكالات هي ذاتها محاور فرص التطوير في القطاع العام والتي ارتكزت عليها الأهداف الأربعة لإستراتيجية المعهد.

وتطبق هذه المشاريع الناتجة عن التدريب مع جميع البرامج التي يقدمها المعهد، وسأعطيك مثالاً واحدًا فقط يظهر نتائج مقدرة القيادات الحكومية على تطوير الخدمات العامة.. فضمن برنامج تميّز لخدمة العملاء والخاص بالمسؤولين عن تقديم الخدمات، طلبنا من إحدى النساء القياديات بشؤون البلديات تقديم فكرة وخطة عملية كمتطلب للتخرج من البرنامج، وعليه تقدمت بمقترح لتطوير التعامل مع طلبات إحدى الخدمات البلدية المقدمة للوزارة في إحدى المحافظات. 

بموجب المشروع الجديد، فإن طلب الخدمة البلدية الذي كان يستغرق 28 يوما، وبنسبة أداء لا تتعدى 30 %، أضحى يُنجز في 3 أيام فقط، ونسبة الأداء قفزت إلى أكثر من 88 %، وهذا مثال واحد يبين كيف أن التدريب يهدف من خلال المشاريع المصاحبة إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال رفع كفاءة الأداء الحكومي.

   

الدولة الأفلاطونية

بالعودة للحديث عن برنامج إدارة الموارد المالية، ما الفترة أو المدى الذي سينفذ فيه البرنامج؟

- المدة ستتراوح ما بين 3 و4 سنوات.

 

* هل نتوقع ملاحظات أقل من ديوان الرقابة المالية؟

- بلا شك ولكن الدولة الأفلاطونية غير موجودة. الأخطاء بالتأكيد ستبقى موجودة، وهذا من طبيعة العمل الوظيفي، فمن لا يعمل لا يخطئ، ولكن التغيير والتطوير سيكون مستمرًّا على مدى الأجيال القادمة طالما لا نكرر أخطاءنا السابقة ونتعلم منها.

 

أشرتم إلى أنه لا وجود للدولة الأفلاطونية.. توجد إشكالات أخرى (غير الفساد)، وتتمثل في أن المؤسسات الحكومية والوزارات تنفق جزءًا بسيطًا من ميزانيتها المخصصة ولا تستثمرها في إدارة وتنفيذ المشاريع. وهناك جزئية أخرى، فأحياناً المسؤول المالي لا يتمتع بسلطة، فهل هذه الدورات ستجعلهم يتمتعون بصوت أعلى وستفرض الانضباط داخل المؤسسة واستثمار الميزانية؟

- يرتكز المعهد في تصميم مواده التدريبية على منهجية التأهيل والتدريب وهي قائمة على 6 محاور وهي تطوير كل من: القائد، فرق العمل، الشركاء والعملاء، المؤسسة، الاتصال والتواصل، الأداء والإنتاجية والإبداع إضافة إلى القيم كضوابط محركة لهذه المنهجية. 

أما موضوع التصرف في الميزانية فإن الأمر لا يرتبط بجهة واحدة هي معهد الإدارة العامة فقط، بل يوجد هناك مشاريع كثيرة لدى مجلس الوزراء ووزارة المالية منها على سبيل المثال فما يتعلق بالتدقيق الداخلي، إذ يتم تدريب مدققين داخليين في الوزارات يتولون متابعة المشاريع والإنتاجية وتلافي حتى الأخطاء قبل وقوعها.

 

متابعة المشاريع

كما دشّن ديوان الخدمة المدنية مشروعًا متكاملاً في هذا الصدد، ألا وهو مشروع الأداء المؤسسي (تكامل) الذي يحدد جميع التفاصيل المتعلقة بأدوار الموظفين وصرف الموارد. 

يشكو المتعاملون مع المؤسسات الرسمية من مسألة البيروقراطية. عملية تقديم الخدمات أضحت أفضل خصوصًا مع تواجد الحكومة الإلكترونية إلا أن البيروقراطية لا تزال موجودة، كواحد من قياديي تطوير العمل الحكومي، نريد نسمع منكم تعليقًا، ما المطلوب؟

- البيروقراطية ليست مصطلحًا سلبيًّا إلى حد كبير. ففي بعض الدول الأوروبية خصوصًا الدول المتأثرة بالمدرسة الفرانكفونية فإن المصطلح يعني العمل الحكومي ذاته، ولكنها كمصطلح يمثل التراكم والمشاكل والترهل الهيكلي والتأخير في الخدمات. 

توجد لدينا نقطة أساسية، وهي تطوير الخدمات كهدف استراتيجي..

 

صوت أعلى

قبل الحديث عن تطوير الخدمات، هل أفهم أن البيروقراطية الحكومية لا تمثل أي مشكلة في البحرين؟

- مقارنةً بدول أخرى، استطيع أن نقول: لا.. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن راضون عن مستوانا الحالي الذي يعتبر أفضل من دول أخرى؟ الجواب كلا طبعًا.

السبب ببساطة يكمن في أننا نطمح دائما وهناك دعم وتشجيع مستمر من قِبل رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة. 

فلم أحضر اجتماعًا أو مجلسًا لسمو رئيس الوزراء، وخلا من توجيهه لنا بضرورة الاستماع للمواطنين وتطوير الخدمات المقدمة لهم وهذا محرك ودافع لنا، بل مسؤولية في أعناقنا.

 

البيروقراطية المطلوبة 

إذا كانت البيروقراطية ضرورة لحفظ المال العام، فهي مطلوبة، وأما إذا ما أدت لتأخير معاملات المواطنين فهي مرفوضة.. الأهم رضا المواطن بعد تحقيق المصلحة العامة... الخدمات تطورت ولكن المواطن من حقه أن يطالب بالمزيد، وصوته أضحى مسموعًا بفضل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ودورنا في منظومة العمل الحكومي هي الاستماع للمواطن لخدمته وتحقيق الرضا.

 

بعض الموظفين في الجهات الرسمية يعتقدون أنهم محصنون من إمكان خسارة وظيفتهم، ولذا فهو لا يجتهد، ولا يحاول تقديم الخدمة بشكل أفضل.

- أجل، ما تتحدثين عنه نماذج موجودة فعلا، فلا يمكن أن نتوقع أن يكون الجميع قادة ومتميزين. نحاول عبر التدريب تلافي هذه السلوك السلبي واختيار الشخص المناسب للعمل في المكان الملائم.. ولكن دعونا نكن منصفين، إن أداء الموظف الحكومي قد تطور وبشهادة القطاع الخاص، ولكن الطريق إلى التطوير ما يزال مفتوحا.

 

صفر على الشمال

هل أجرى المعهد أي بحوث في مجال تطوير الكفاءات في القطاع الحكومي؟

- مؤسف أن يكون البحث العلمي “صفرا على الشمال”، بل أصبحنا لا نسعى لتطوير العلوم بالبحث والتطوير وإنما حصرنا البحث العلمي اليوم في البحث التطبيقي لضمان خلق إيرادات، بينما نحن كمجتمع أولا وكحكومة في المرتبة الثانية بحاجة إلى تطوير البحث.

 شرع المعهد في العمل على الجانب البحثي في العام 2010، وشهد العام 2013 احتضان البحرين للمؤتمر الدولي للإدارة العامة، وهو أكبر مؤتمر دولي في هذا المجال، وقدمت فيه 370 ورقة عمل وحضره 550 باحثا، من أكثر من 70 دولة واستمر على امتداد 6 أيام عمل..  

في العام نفسه، تم الإعلان عن شبكة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لبحوث الإدارة العامة (مينابار)، وهي أول شبكة بحثية مهتمة ببحوث الإدارة العامة في المنطقة العربية وتترأسها اليوم مملكة البحرين، وقامت هذه الشبكة بعمليات تشبيك دولية مع كبرى المنظمات، وأشرفت الشبكة على إعداد ما يزيد عن 450 ورقة بحثية، وأصبحت متنفسا للباحثين والمهنيين المهتمين بالتطوير في الحكومة. 

 

هل من كلمة أخيرة تود قولها؟

- بفضل من الله ثم توجيهات القيادة الحكيمة وجهود أسرة المعهد استطعنا أن نضع أولى اللبنات الناجحة في التطوير الحكومي المدروس والموجه من خلال التدريب القيادي والإداري والبحوث في علوم الإدارة العامة، وكلنا أمل في المشاركة الفاعلة معنا في مسيرة التطوير سواء من البحرينيين الحريصين على التطوير أو من مؤسسات المجتمع المدني أو أصحاب الأيادي البيضاء أو القياديين الحكوميين الذين يصبون إلى تحقيق الأفضل للمواطن البحريني ورفعة مملكة البحرين.