يبدو أنّ السؤال الأزليّ الذي لا يبرح الذاكرة العربية منذ عقود بعيدة كما طرحه رواد النهضة العربية أمثال شكيب أرسلان وسلامة موسى وآخرون غيرهم لا يزال يعود بقوة أمام حالات التقهقر والتراجع الحضاري الذي أصبح صفة ملازمة للأمة العربية. السؤال هو لماذا تقدموا وتأخرنا؟ ولماذا قدر لنا كأمة أن نبقى دائما في ذيل القائمة؟ إنّ حالة التراجع والنكوص لم تعد مقتصرة على صعيد السياسة وحدها ولا هي اقتصادية وثقافية فقط، بل إنّ ما يبعث على الدهشة أنّها طالت البنية الثقافية والتعليمية. الموضوع باختصار أنّ هناك مؤسسة بريطانية معروفة مهمتها إجراء تقييم للتعليم الجامعي أعلنت قبل ايام عن ترتيب افضل الجامعات على المستوى العالمي لهذا العام، ولم يكن أمرا مفاجئا لنا أن تتصدر الجامعات الأميركية والأوروبية وحتى الأفريقية إضافة إلى المعاهد الغربية.
أن تتصدر جامعات عريقة مثل هارفارد وكامبرج وأكسفورد وأمبريال كوليج وشيكاغو المراكز الأولى لا يثير استغرابنا أبدا لكن أن تحتل جامعات حديثة في سنغافورة الأهلية والجامعة التكنولوجية المركز (12 و13) إضافة إلى ثلاث جامعات من (إسرائيل) فإنّ هذا ما يجعل العرب يعلنون حالة الاستنفار القصوى أو هذا ما يفترض، لكننا واهمون اذا اعتقدنا انّ شيئا كهذا ممكن أن تقدم عليه دولة عربية واحدة، وحتى اللحظة الأمة العربية مشغولة بقضايا أهم، من قبيل تسجيل الأرقام القياسية في موسوعة جينز بأكبر صحن من الرز أو الحمص أو غيرها!
إنّ البعض منّا قد تتملكه الدهشة بأن تتضمن القائمة جامعات من دولة لقيطة كإسرائيل، غير أنّ دهشتنا سرعان ما تزول إذا علمنا أنّ هذا الكيان المصطنع يخصص للبحث العلمي نسبة 5 % من دخله القومي بينما ما تخصصه القلة من بلداننا العربية لا يتجاوز 2 % وهذه نسبة مخجلة جدا.
بقي أن نذكر بأن هناك جامعات عربية ضمتها القائمة لكن المأساة انّ ترتيبها فوق (365) كالجامعة الأميركية في القاهرة وعين شمس وجامعة القاهرة (551 -600). أما باقي الجامعات العربية فإنّها خارج التصنيف تماما أو خارج الزمن والدنيا كلها.