الأمر الذي أستطيع أن أؤكده هو ان مجتمعنا يشكو من الاجتهادات التي تفضي في نهاية المطاف إلى إحداث ضرر بالغ بالمواطن ونوع من التشويش على حياته، وربما آخر هذه الاجتهادات رفع إيجارات السوق الشعبي بمدينة عيسى حيث وصلت إلى 600 %، 360 دينارا للمحلات القديمة، و93.5 دينارا للمحلات الجديدة وهذه الزيادة بحجة إعادة هيكلة الإيجارات وتصحيح الأوضاع وحل مشكلة التأجير بالباطن كما ذكر مجلس بلدي الجنوبية الذي أعلن دعمه الكامل للوزارة المعنية للمضي قدما في تنفيذ القرار.
لا يوجد وعاء يستوعب هذا الكلام ومن غير الممكن تعميم “جم حالة تأجير بالباطن” على جميع المحلات التي تعاني اصلا من ضعف البيع منذ فترة زمنية طويلة وانعدام المردود المادي الجيد، فكثير من الصعوبات تحيط بهؤلاء الناس لعل ابرزها عدم وجود استراتيجية للترويج السياحي لهذا السوق بالرغم من وجود الخدمات والمقومات المتنوعة والبنى الأساسية، فمن الممكن جعله واجهة سياحية ورفده بالبرامج والفعاليات المتنوعة. الأسواق الشعبية في اية دولة تحظى باهتمام خاص ومتابعة مستمرة ولها وضعية تختلف عن أية أسواق أخرى، لأنها تعتبر خزينة من الارث الثقافي والحضاري والتاريخي وتعبر عن اصالة البلد بشكل عام، ولكننا لم نستفد من منزلة هذا السوق ولم نمسك بالخيط الذي أمسكه جيراننا، فكل خطواتنا عشوائية وتسببت في عدم التوازن ووضوح الرؤية.
أصحاب هذه المحلات “يترزقون الله” وقسم كبير منهم لا يملك مصدر دخل آخر وهذه الزيادة الخيالية في رفع الإيجار ستنعكس سلبا على حياتهم، ولابد من إعادة النظر في هذه المسألة وكان الأجدر من مجلس بلدي الجنوبية “العين المدققة على زيادة رواتب البلديين والامتيازات كالجواز الدبلوماسي والتأمين الصحي” أن لا يستهدف اصحاب المحلات في ارزقاهم بسبب حالات فردية ويستخدم اية وسيلة لخنقهم، بل على هذا المجلس الارتقاء أولا بمستوى أداء اعضائه ثم الاهتمام بالسوق الشعبي ووضعه ضمن الخريطة السياحية في البلد والاهتمام بمرافقه وتوسعتها.
لماذا يولي المجلس عناية خاصة برفع الإيجار ولا يهتم بتطوير السوق وإجراء تعديلات عاجلة على المكان بشكل عام؟ وحتى لو فرضنا ان هناك تجاوزات فمن هو المسؤول؟ مجلسكم هو المسؤول الذي لا يزال معزولا عن الناس ولكنه “فالح فقط” في اتخاذ إجراءات تنكد عليهم!.