العدد 2998
الخميس 29 ديسمبر 2016
banner
قائمة العار
الخميس 29 ديسمبر 2016

أخبار محددة، وجميعها مؤلم للأسف، هي التي سيطرت على المجتمع البحريني في الأيام القليلة الماضية، ومنها خبر زيارة وفد تجاري أميركي إلى البحرين، والتقائه عدداً من التجار المحليين هنا، والغناء والرقص معهم على أنغام تراتيل دينية ذات دلالات ونزعات صهيونية، وبحضور عدد من الوجهاء الذين تمنينا أنهم لم يكونوا من ظهر في اللقطات المصورة، أو أنها من “الفبركات” المغرضة.

اعتذر صاحب المجلس، وقال إنه “أُخذ على حين غرّة”، ولكن سبق ذلك أن أصدر البعض، ما أسمي بـ “قائمة العار”، التي ضمت من حضر هذا المجلس من البحرينيين، ربما ظهر بعضهم في اللقطات المصورة، وربما بعضهم أتى وغادر، وربما... وربما، ولكن الأهم من هذا أن القائمة صدرت، وجرى تداولها، والسلام.

لقد اختبرنا من ذي قبل قوائم عار متبادلة، كلٌّ فيها يريد أن يسبغ على نفسه والضفة التي هو فيها نوعاً من الطهرانية، وكثيراً من الصدق، وأن من خالفه فهو واقع في هذه القائمة التي تعني الكثير في الثقافة العربية الإسلامية عندما يقال إن إنساناً يكسوه العار. وهذه القوائم تمتد أحياناً من السياسيين، إلى المثقفين، إلى الأدباء، إلى الإعلاميين، واليوم طالت جانباً من التجار ورجال الأعمال، وربما الانفلات في تدبيج هذا النوع من القوائم لهو لهوٌ وعبثٌ وقلة حيلة وانسداد طرائق التواصل. ففي رأيي، كل طرف مخطئ في “تعيير” غيره ووصمه بحمل العار لأنه اختلف في الرأي معه، وعلى هذا الأساس فكلنا مجللون بالعار لأننا في الأصل مختلفون عن بعضنا، فيا له من مجتمع إن ساد فيه هذا التصنيف.

ومع أنني أقف ضد قوائم العار لأنها طريقة غير محببة في التعاطي مع المختلف، إلا أن ما حدث كان نجاحاً صهيونياً للاختراق وزعزعة الثوابت، أو على الأقل اختباراً لها. فالبحرين استنكرت ما جرى في المجلس من رقص على الأنغام الصهيونية، حتى مع ادّعاء صاحب المجلس أنه ما كان على وعي بما تعنيه كلمات الأغاني، فإن جميع الدلائل كانت تدعو إلى الريبة، فرؤية طاقياتهم وقبعاتهم التي اعتمروها، كانت كفيلة بأن تحرّك في أي عربي آليات الذاكرة، والربط بينها وبين أبشع وأقسى الممارسات التي شوّهت وجه القرن العشرين، وعار حقيقي على المنظمة الدولية والدول الكبرى حمايتها هذا الورم حتى يكبر ويتمدد ويهدد ويستقوي. ولكن هذا لا يعني أن الواقعة لم تقع ولم تكسر جدار التابو العظيم، وإن لا سمح الله تم تكرارها، فسيقول الناس إن الأمر حدث في تلك السنة، وليست المرة الأولى، وتتحول المسألة إلى تذكر حوادث وتواريخ.

لسنا بصدد المحاكمة، ولكن كيف تأتي الغفلة في أمر لا يمكن الخطأ فيه، أو اعتباره من المشتبهات؟! هل اعتدنا الاحتلال حتى تماهينا معه؟ أم تعبنا إلى هذا الحد ففضلنا القوة على الحق مادام الحق مع القوة؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية