العدد 2996
الثلاثاء 27 ديسمبر 2016
banner
هيئة تنظيم سوق العمل... وسياسة الابواب المغلقة
الثلاثاء 27 ديسمبر 2016

نرفع اللقمة عن فم أطفالنا، فنلقمها هيئة تنظيم سوق العمل عسلا شهدا مسرورين غير حانقين.. وغاية ما يتمناه المنتفعون من خدمات الهيئة وهم الممول الاساس لخزينتها هو مقابلة مدير فيستكثر عليهم ذلك! إن سياسة غلق أبواب مديري هيئة تنظيم سوق العمل هي منهجية واضحة تتبعها الهيئة، مكتفية بالتعامل مع عملائها عبر الفضاء الالكتروني، وتسمح لهم فقط بالتواصل مع موظفين في الطابق الأول بصلاحيات محدودة للاجابة عن استفساراتهم.

ظننت لوهلة وكنت مخطئاً أنه مسلك انتقائي، لكنني سمعت من كثيرين يتمتعون بعلاقات رسمية واسعة ووجاهة اجتماعية، يتذمرون من استحالة مقابلة مدير أو مسؤول، فقلت لهم: ساعد الله هذا المواطن البسيط، هذا واقعكم أنتم!! فكيف به وقد رفع الاكف للسماء متضرعا شاكيا الى الله جفاء مسؤولي الهيئة؟ غايته من مقابلتهم متابعة خلل في إجراء أو تأخير أو ربما خطأ بشري يمنعه من استكمال إجراءاته وهذا وارد في أكثر المؤسسات عراقة وخبرة وأداء!. 

أعتقد أن إدارة خدمات العملاء في الهيئة هي المعنية بالدرجة الأولى بتقديم العون للمراجعين، وهي الواجهة ومقصد أصحاب الطلبات والبت في مشاكلهم، والغريب في الأمر أنك لن تستطيع مقابلة مديرها الا بتحريك عدة واسطات واستخدام معارف وصداقات، وأن قرارا صدر مؤخرا يوسع الفجوة الموجودة بين مدير الادارة والمراجعين، تشعر من خلاله إصابة الهيئة بعدوى إنفلونزا الانترنت! ويحدد القرار آلية مقابلة المدير... والتقدم بطلب عبر موقع الهيئة وإرسال ايميل لتحديد موعد ويوضع طلبك على قائمة الانتظار، موعد في الاغلب لن تناله بسبب انشغالات سعادة المدير، هذه طريقة الحصول على موعد لمدير ادارة معنية بخدماتك كمراجع “ادارة خدمة العملاء”! كيف بمقابلة مدير أعلى منه شأنا وأكثر منه حظوة؟ ويحدثني أحد الاخوة من رجال الاعمال معلقا على معضلة اعتكاف مديري الهيئة ساخطا! هل نحتاج لصلاة ركعتين وصيام شهرين متتابعين لمقابلة الرئيس التنفيذي؟ فقلت له مهونا صبرا صبرا... فدوام الحال من المحال إنها سنة قدير مقتدر. 

 وعلى النقيض من اعتكاف مديري الهيئة، يحث رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان آل خليفة المسؤولين دوما على فتح ابواب مكاتبهم لاستقبال شكاوى المواطنين، وهو القدوة في تجاوبه الابوي العطوف مع شكاوى ومناشدات ابنائه قاطبة، كما يشع مثال حي يتلألأ من كل اسبوع في مجلس ولي العهد النائب الأول لمجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد آل خليفة مترجما سياسة الابواب المفتوحة وسموه القائد المنفتح المتجاوب مع المواطنين في مجلسه العامر مرحبا مبادرا بالسؤال عن احوالهم متفاعلا مع شكواهم. ان كثرة من المسؤولين ممن أخذ بهذه العادة النبيلة والسيرة الحميدة... مثل وكيل وزارة العمل الاستاذ صباح الدوسري وقد جسد نموذج المسؤول الملتزم ضمن صلاحياته ومسؤولياته مع الموظفين والمراجعين على حد سواء وان تسألهم يخبروك عن مدى سعادتهم به وبالعمل تحت قيادته، تراه فاتحا ابواب مكتبه لعموم المراجعين وهم يدعون له شكرا وتقديرا، وبذلك يحقق تطلعات القيادة السياسية وتوجيهاتها بالتواصل مع الجمهور وتلبية متطلباتهم، وكثيرا ما يرى وكيل الوزارة مترجلا بين مكاتب الموظفين ببساطة وأريحية القائد الواثق بعمله وانجازه. 

إن عموم المراجعين لا يطلبون الكثير من الجهاز التنفيذي للهيئة وما هو فوق طاقته وتحميله اكثر مما يستطيع، كاستحداث برامج متطورة لتقصي سعادة العملاء (برنامج السعادة لخدمة العميل) وهو برنامج مفعل في حكومة دبي! والأخذ بآرائهم والاستئناس بها لتنظيم سوق العمل، ومشاركتهم اتخاذ القرار كفلسفة عمل! لا يحملوها تلك الأماني. إنما يناشدون الهيئة ويأملون تبني سياسة أكثر مرونة في التعامل معهم وحلحلة مشاكلهم، خاصة في هذا الوضع الاقتصادي المتأزم والتي تعاني منه حكومات المنطقة فضلا عن الافراد أو رجال الاعمال.

إن اعتكاف مديري جهة حكومية رسمية تمس خدماتها بشكل مباشر كل مواطن ومقيم، تم توظيفهم على اساس خدمتهم للجمهور لظاهرة مستحدثة في الجهاز الحكومي وغريبة على المجتمع البحريني المعروف بتسامحه وتواصل أفراده مع بعضهم لصغر حجمه وطيب معشره، وهي صيحات جديدة تدشنها الهيئة في عالم الادارة وتتبعها كمنهج وأسلوب، وإننا حين نبث شجون المراجعين الممتزجة بآهاتنا... لنسجل موقفا ونبعث برسالة تحفظ عن ظهر قلب. إن سياستكم هذه لا تلقى استحسانا من المنتفعين بخدماتكم، وإن استياء يٍٍٍزداد يوما بعد يوم، وأنا لواثق وعلى يقين أن مقالا لن يحدث هزة في ضمير او تغييرا في سياسة، لكنه يكشف قصورا واستهجانا وسخطا تحت الرماد. ليرسم لوحة ويقيس مسافة بينها وبين عملاءها! وأن أملا وتفاؤلا يسري في العروق. يرنو الى تغيير سيطرأ ولو بعد حين في سياسة أم في أفراد. قال تعالى في محكم كتابه: “وتلك الايام نداولها بين الناس”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .